المدير أو «الهم» الكبير

ليس كل مدير هماًّ لموظفيه، إلا أنني سأسلط الضوء على فئة من المديرين، والمناسبة أن المحكمة الجزائية في جدة – قبل فترة – استدعت ثمانية موظفين في شركة اتصالات، متهمين بشهادة الزور لمصلحة مديرهم، لم يذكر هل الشهادة جاءت بدافع شخصي «فزعة» من كل شاهد، أم أنه جرى ترتيبها مع المدير.

وكانت المحكمة قد حكمت على المدير بالجلد والسجن بعد إدانته بوضع سم في كأس حليب لأحد زملائه. سابقة في مجتمعنا، وفي بيئتنا الإدارية كثير من فنون التنغيص والتهميش والتطفيش، لكن لا أذكر وصولها إلى هذا المدى الخطر.

تختلف ردود فعل الموظفين على ممارسات المديرين المتسلطين، هناك من يقاوم، وهناك من يمشي بجوار الحائط، ولو كان هشّاً، وفئة ثالثة وهي الخطرة تنتهز بيئة العمل المريضة هذه للتسلّق، يحمل كل واحد من هذه الفئة الأخيرة سلّماً يطول أو يقصر، بعضهم يحمله بالعرض ليطيح بمن يقف أو يتصادف وقوفه في طريقه، لا مانع أن يدوس عليه، ربما يبتهج بذلك، زافاً الخبر لسعادة المدير! لا يمكن للمدير المتسلط أن يستبد إلا بوجود الفئة الثالثة، وهي بين طامح طامع وخانع أدوات لا ترفض الاستخدام، بل يجد بعضهم في هذا السلوك ذكاء وألمعية! والمدير المريض يجد ضالته في هذه الفئة المتسلقة ليجعلها تدفع ثمن كل درجة يقدمها لها للصعود. في هذه الأجواء المريضة يضيع العمل الذي اجتمع أو جمع هؤلاء لإنجازه، الصراعات تتصدر الاهتمام وتستهلك الجهد، شهادة الزور في قضية الحليب المسمم ليست إلا صورة صغيرة منها.

وفي بيئتنا الإدارية نماذج عجيبة من الموظفين تتناقض مع الصورة السائدة عن الفرد في مجتمعنا، هناك حالات من الخنوع والخضوع بما يتيح استخدامها سلباً للإساءة لزملاء آخرين أو لتمرير فساد وإهمال، إما على شكل «سوط»، وإما على شكل «منشفة»، ويتذرع أفراد هذه الشريحة بأكل العيش، وهو عذر أقبح من ذنب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.