ابحث عن «المسؤولية الوطنية»!

ثبت أن التعويل على «الوازع» الداخلي للفرد لا يكفي ليكون شخصاً سوياً ملتزماً بالحدود الدنيا من الأمانة تجاه العمل أو تجاه حقوق الآخرين، لذلك لا تتحقق فوائد تذكر من كثرة الزن والوعظ وما يطلق عليه «التوعية»، والمسألة لا تعني الفساد الوظيفي العادي، الرشوة والاختلاس وغيرهما، بل تتعداه لما هو أكبر من ذلك في قضايا تمس شريحة واسعة من المواطنين في حقوق خاصة مثل الاكتتابات في الأسهم والمتاجرة بها.

هيئة السوق المالية أعادت قضية اكتتاب شركة مجموعة محمد المعجل إلى الواجهة، بما أعلنته على موقعها، الهيئة في إعلانها كشفت عن توجهها لـ«رفع دعوى» لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية ضد أعضاء مجلس إدارة شركة مجموعة محمد المعجل أثناء مرحلة الاكتتاب في أسهمها، وبعض كبار التنفيذيين والمحاسبين القانونيين للشركة خلال الفترة من 2008 حتى 2011، لمخالفتهم نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية ولإثبات المسؤولية عن تعويض الأشخاص المتضررين من شراء الورقة المالية محل المخالفات.

لا يعرف هل لتوقيت إعلان الهيئة هذا التوجه مغزى معين، بينما هناك قضية ساخنة ما زالت مطروحة.

ذكرت أن التعويل على «الوازع» والذمة لا يحقق ردعاً يذكر لممارسات «تذاكٍ واستغفال» يسكت عنها، لها أناس متخصصون بها، ومما أطلع عليه من نقاشات حول هذه القضايا، أجد أن فئات من المتحاورين تستطيع تحديد المسؤولية كما يفعل الموظف البيروقراطي الذي يعتمد على نص مكتوب أمامه من دون فحص وتدقيق لمعرفة أساسه وما قد يؤدي إليه.

لذلك تتوزع التهم على هذه الجهة أو تلك، حتى يضيع الدم بين الأجهزة الحكومية – مع مؤسسات أو شركات – هي من تشرف على صحة ونظافة أعمالها.

إن الأساس في عمل كل جهة حكومية خدمة المواطن، هذه الخدمة تستدعي بالضرورة القصوى العمل على عدم الإضرار به، الأصل درء المفاسد قبل جلب المصالح، لذلك فإن كل جهة حكومية أو خاصة عليها «مسؤولية وطنية»، بعيداً عن الذمة والوازع، فما يسيء ويضر بالمواطن والوطن، يجب أن يوقف ويحاسب من سمح أو أهمل أو اتكل فيه على آخرين، وإلا ستستمر الثغرات التي ينفذ منها أصحاب التخصص في التذاكي من رجال أعمال أو موظفين لم يكن لهم النجاح في تحقق ثروات على حساب آخرين لو كان هناك إحساس بمسؤولية وطنية حقيقية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على ابحث عن «المسؤولية الوطنية»!

  1. ناصر كتب:

    شكرا لك أستاذ عبدالعزيز على هذا المقال الرائع

التعليقات مغلقة.