العراق… أشخاص أم توجهات؟

ما الذي تغير في العراق منذ إسقاط نوري المالكي؟ مجريات الأحداث في العراق لا تشير إلى تغيير يذكر، الأمر الوحيد الذي برز هو أن خطاب الحكومة العراقية تجاه الدول العربية خفّت حدّته، فلم يعد يهاجم السعودية ودول الخليج بشكل صريح ومستفز كما كان يفعل نوري المالكي وفريقه آنذاك، أما غير هذا، ومهما بحثت، فلن تجد تغييراً معتبراً في توجهات السياسة العراقية، وتحديداً الخضوع لإملاءات طهران، بل إن دخول «داعش» على الخط تم استخدامه بشكل مثير لحضور عسكري إيراني على الأرض وفي الأجواء.

صحيح أن سقوط المالكي كان خسارة لطهران، لكنه سقوط غير مكتمل، فما زال نائباً للرئيس، والذي حصل هو استبداله برجل آخر من الحزب نفسه «حزب الدعوة» المعروف بتوجهاته الطائفية، شخص بدل آخر، متحفظ أكثر من الذي سبقه، لكن طهران تعمل في العراق بكفاءة أكبر من ذي قبل وكمن يسابق الزمن، التهجير والترويع الطائفي على أشده، والتغيير الديموغرافي في بعض محافظات العراق يتم على قدم وساق، ميليشياوية مدعومة من إيران ولها حضور قيادات في المشهد السياسي العراقي.

من هذا الواقع لم أستطع فهم التفاؤل السياسي السعودي، الذي ظهر من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في لقاء مع رئيس وزراء العراق، كما نشرت وسائل الإعلام، وقرب افتتاح السفارة السعودية في بغداد.

إن المؤشر الوحيد الذي يمكن الاطمئنان إليه لخروج العراق من مأزقه السياسي الطائفي هو سياسة واضحة وحازمة من قيادته تجاه الممارسات الوحشية التي تقوم بها ميليشيات طائفية تخطف وتقتل وتحرق المساجد والمنازل بحماية القوات العراقية الحكومية وتحت نظرها، وبدعم من قيادات عراقية مرتبطة بإيران، وإيقاف تهميش السنة وحشرهم بين «داعش» ومليشيات طائفية هما وجهان لعملة واحدة متوحشة.. هذا في الحد الأدنى، غير ذلك لا يمكن فهمه إلا بمحاولات كسب مزيد من الوقت لفرض أمر واقع ديموغرافي طائفي جديد ليس له هدف سوى تحقيق المطامع الإيرانية، ومن نتائجه على العراق والمنطقة تجذير الأحقاد وسفك الدماء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.