«داعش» وأهون الشرين

يتفنن «داعش» في ترسيخ التوحش وإدارته، الحرق والقتل لأفراد وجماعات لا تستثني أحداً، ومن سورية والعراق شباب قبائل عربية وإيزيديون وأكراد إلى مصريين في ليبيا، ولكل حفلة قتل شعارات معلنة، إنما في الخاتمة والصورة النهائية يريد «داعش» أن يقول: هذا هو الإسلام.

وكل تيار سياسي يرفع شعارات الإسلام عليه واجبات ومسؤوليات تتعدى طموحاته وتطلعاته، أليس من المتفق عليه أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟ وفي درء المفاسد مصلحة لا تخفى بخاصة في بلاد عربية مدمرة أو يستهدف تدميرها، لذلك فإن الخروج من عنق زجاجة «داعش» و«القاعدة» الدموية وكل مشتقاتهما لن يأتي إلا بموقف تاريخي من الحركات السياسية الدينية نفسها، والسبب أنهما مشتركان في رفع راية واحدة بحسب ما يعلن من كل طرف وإن اختلفت التفاسير. والموقف المطلوب يجب أن يتجاوز بيانات الشجب والاستنكار، أو استغلال جرائم إعدامات جماعية لتصفية حسابات سياسية، كما أن إعلان أنهم لا يمثلون الدين الصحيح لا يحقق فائدة مع قوة الإعلام المسوق لجرائمهم وشعاراتهم.

لو أردنا الاصطياد في الماء العكر، فما أكثر الصيد، وليس هناك أكثر تعكيراً من الماء في عالمنا العربي، ولا أكثر من خلط الأوراق وظهور طبقة ارتزاق سياسي تنتهز برك الدماء لترقص على أطرافها، لكن لنترك ذلك الماء وروائحه النتنة، بحثاً عن مخرج من دائرة قتل مفرغة، تولّد مزيداً من القتل النوعي الذي يتجاوز استهداف أفراد إلى مكونات شعوب ودول واستدراج جيوش، إحداث شرخ كبير وثارات لا يمكن إصلاحها لينفجر منها مزيد من حمم بركان الفوضى الخلاقة. ضيع الكثير من الوقت في البحث والنقاش حول من يقف وراء تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و «داعش»؟ صرف هذا الفكر عما أحدثته وتحدثه على الأرض والإنسان، مع أن الواجب الديني والوطني والإنساني يحتم العمل على استئصال كل الذرائع والبيئة التي يستخدمها ويركن إليها «داعش» ومشتقاته الإرهابية، بحثاً عن أهون الشرين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.