المكاتب الاستشارية والتكحيل الاستراتيجي

حتى ولو اشتكت العيون من اختلال الرؤية أو التهاب الجفون، يمكن للمكاتب الاستشارية أن تكحلها لتظهر جميلة في الإعلام، وتسطر عن ورش عملها الأساطير الصحافية.

أكثر من يضحك في البلد، وعلى أهلها هي مكاتب استشارية خاصة أجنبية، والضحك مركب هنا، فهم يضحكون على المسؤول، والجهاز الذي كلفهم بالاستشارة، وعلى الوطن، يعيدون إنتاج المنتج المركون في الأدراج بعقد جديد، وتاريخ حديث، وبمبلغ متصاعد، والصورة في الإعلام أن هناك عملاً استشارياً استراتيجياً، ويمكن إضافة المستدام «رجاحة» في الميزان.

وانصح كل مسؤول في أي موقع بيده قرار تكليف أو توقيع العقد مع الاستشاري الهمام أن يبحث قبل التوقيع عن العقود السابقة لجهازه مع المكاتب الاستشارية، وكم من استراتيجية تم إعدادها، أو ما زالت تحت الإعداد أو ذهب من وقعها من المنصب إلى آخر، ولم يتم إعدادها حتى تلك اللحظة، سيكتشف أنه مع المشاريع المتعثرة هناك عقود استشارية متعثرة أو مغبرة في الأدراج، ربما يجد استراتيجية مركونة حشرت بمكتب موظف في إجازة لم يسأل عنها أحد منذ تم التوقيع والصرف.

وإذا وشوش في أذنك أو أوصى أحد «بعيداً عن وزنه» بمكتب أو شركة استشارية ذات اسم رنان، ابحث في إدارتك ربما تجد أنها مرت من هنا قبل وصولك بأيام.

هل يجب أن يكون لكل مسؤول استراتيجية، كأنها أصبحت مثل السيارة وديكور المكتب!؟

لا قيمة لاستشارات واستراتيجيات لا تتضمن الإشراف على التنفيذ مع الإعداد ونقل الخبرة، والدراية لموظفي الجهاز نفسه، لأنها مجرد ارتال من الورق، كل مسؤول يحيلها إلى آخر لقراءتها، والأسهل على الكثير منهم أن يوصي بإعداد دراسة استراتيجية جديدة، وتصبح الحكومة ماكينة إنتاج مال جديد للاستشاري وجماعته.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.