الناقة الجرباء مع البقرة العرجاء!

المضحك المبكي في قضية استشراء الاعتماد الحكومي على المكاتب الاستشارية «العالمية» في بلادنا أن الكثير من «الفاعلين» يعرف الطبخة، وأنها قدر لامع على نار التنمية، ولا يوجد فيه سوى مجموعة من الأحجار.

ونبهني أحد الأصدقاء المهتمين إلى جزئية غاية في الأهمية، وهي أن أسرار الأجهزة الحكومية تقدم على طبق من عقد ثمين للمكاتب الأجنبية وخبرائها من كل أصقاع الدنيا، وهم بحكم الاتفاق يستطيعون أخذ ما يريدون ويقدمون ما يريدون، ولو طلبت معلومة من موظف لرفض تقديمها حتى ولو كانت رقماً إحصائياً محدثاً، لكن المكتب الاستشاري سيحصل على كل شيء، ويمكن له استخدامه كما يرغب.

هناك وعي بالطبخة الاستشارية، لكن هناك عدم رغبة في وضع النقاط على الحروف، كل فرد ينظر إلى التوجيه من رئيسه، ومن يفكر في التصريح برأيه يتردد حتى لا يزعل «المعزب».

 إعداد استراتيجية جديدة مع مكتب عالمي فرصة ثمينة لكسب مزيد من الوقت مع القول إننا ندرس ونعمل على إعداد! وكتبت في مقالة أمس أن الإشراف على التنفيذ ونقل الخبرة لموظفي الجهاز الحكومي هما مربط الفرس، وأضيف مع الحفاظ على السرية.

 الكاتب ماجد الأنصاري نشر في صحيفة «العرب» القطرية مقالة بعنوان «البقرة العرجاء»، استخدم قصة رمزية عن بقرة عرجاء لمزارع رفض أن يعتمد على خبرة ابنه لعلاجها، جاء بخبراء أجانب وبعد تفاقم الخسائر، نجح الابن في علاج البقرة المريضة بتراب الفلوس، لكن التقدير حصل عليه الخبير الأجنبي.

وأعتقد أن «الحوش الخليجي» فيه مع البقرة المريضة ناقة جرباء، تعيش الواقع نفسه، والعقدة النفسية أيضاً، ولا مانع من استخدام الخبير الأجنبي شرط الاستفادة الفعلية منه ونقل الخبرة إلى الموظف المواطن، طبعاً بعد التأكد أن هناك خبرة بالفعل، وليست صفصفة حكي تم أخذه من مكاتب الجهاز الحكومي ثم إعادة الصياغة بلغة أو لهجة أخرى محببة لنفوس البعض.

حسناً لماذا عدت للكتابة عن القضية أكثر من مرة في وقت قصير؟ لأنها قضية كبيرة متضخمة تحت السطح تنخر في الجهاز الحكومي المتعثر ولها مسوقون.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.