هايط حتى أراك

لم تكن الأمور بهذا السوء في ما يخص حرص الفرد على النظافة في الأماكن العامة والاهتمام بنظافة البيئة واحترام مكوناتها، من شجر وحيوان، هذه حقيقة، وذلك لجملة أسباب، منها -مع الوازع الديني- الشرط الاجتماعي والحذر من كسر هذا الشرط المتمثل بأن هذه التصرفات عيب اجتماعي يسيء إلى صاحبه ويمتد إلى أسرته. هذا الشرط فقد قوته نتيجة جملة أسباب، منها استشراء السلوك الاستهلاكي والتشجيع عليه بزخم إعلامي دعائي متوجاً بالتفاخر و «التميز»، ثم حضور العالم الافتراضي بما قدمه من فرص للظهور والشهرة لأتفه الأسباب.

أيضاً من الأسباب غير المباشرة، التي ساهمت في التهيئة للتصرفات السلبية، موجات ما أطلق عليه تطوير الذات وإيقاظ العملاق بداخلك، التي حرصت في صلب طروحاتها على تنمية الأنانية في شخصية الفرد، فالمهم هو أنت ثم أنت! وما في جعبتك سيظهر.

إن الهوس بالشهرة و«الأكثر تأثيراً وإعجاباً ومتابعة… إلخ» في العالم الافتراضي، دفع الكثيرين إلى فعل أي شيء لينال الواحد منهم شحنة أكبر من الاهتمام لخواء يعاني منه، فشاهدنا مباريات في كل ما لا يخطر على البال، من صيد جائر للطيور إلى اقتلاع جائر للأشجار وقبلها سلوكيات تبذير النعمة وممارسات لا تهتم بحقوق الآخرين ولا بالذوق العام. ولا يختلف، في تقديري، من يشحن سيارته الفاخرة إلى أوروبا للتباهي بها ومن يهايط بصورة أخرى في وليمة فاخرة أو عدد الغزلان التي اصطادها. البحث عن الفلاش هنا حاضر. والمفقود الحقيقي الذي يمكن التأسيس عليه، لإعادة إصلاح ولو جزء من هذا، هو عدم الحضور الرسمي في فرض الانضباط. لم يهتم الرسمي بفرض الانضباط بالقانون، لذا تم تصدير سلبيات نعاني منها، منذ زمن، إلى الخارج.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على هايط حتى أراك

  1. م صالح الشبعان كتب:

    التفاخر أو المهايط محظور شرعا و قد ذمه القرآن في شتى مظاهره (المال، الجاه، القبيلة، السلطة) ، هو في رأيي الذي كونته من التعامل مع هؤلاء المهايطين سد لنقص أو طلب كمال زائف يلفت الأنظار ، حين تتواضع قيمة الإنسان مقيما نفسه بحسب هتافات زائفة يحصل عليها أغلبها ساخرة شامتة.
    هذا لو كان الأثر على الفرد بذاته اليوم يمتد الأثر على الوطن و المواطن بل حتى على الإسلام و الدين ، أتفق مع الكاتب أن غياب الإطار الرسمي للحد من هذا الهياط سلبي و يساهم في تضخيم الهياط و اثره السيء

  2. هنيه كتب:

    هذا الواقع وللأسف اللهم أصلح شبابنا ووفقهم إلى تطبيق مؤروثنا الجميل وقيم إسلامنا الأجمل.

التعليقات مغلقة.