التمويل «الإعلامي» للإرهاب

السؤال الذي لم يطرح في قضية العصر «الحرب على الإرهاب» هو دور مواقع على الإنترنت في تسهيل الدعاية للإرهابيين والتواصل في ما بينهم، بما في ذلك التجنيد والترهيب والترغيب. سواء كانت هذه المواقع أصيلة -أي تابعة- كما تعلن عن نفسها، أو ناقلة.

والجميع يعلم أن الشبكة العنكبوتية تدار ويشرف عليها وأنها لم تنشأ اعتباطاً، ولا يمكن أحداً إنشاء موقع أو حساب إلا بمعرفة جهة «مرخصة» ما، وبرسوم يتم تجديدها، ونحن نرى أنه إذا ما استهدف اليهود على سبيل الحصر تحت ما يسمى «معاداة السامية» يتم علاج «الاستهداف» بسرعة خارقة وتشدد ملحوظ حتى أصبح ذلك أشبه بما يكون قانوناً دولياً سواء كان الاستهداف من فرد أو مجموعة. لكن في قضايا الإرهاب وخصوصاً المنسوب للمسلمين، يختلف الأمر إلى النقيض، هناك تشجيع و «استغلال».

في تنظيم «داعش» وتصعيده الإعلامي السريع نموذج لقراءة «المعايير المزدوجة» التي تمارس في العالم الافتراضي مع انعكاسه العميق على عالم الواقع، فهو جزء منه، يؤثر فيه كما يتأثر، إذ تم نشر جرائم الجماعة الإرهابية على أوسع نطاق وبالصور الحية من قطع رؤوس البشر وسحلهم إلى حرقهم أحياء في أقفاص حديدية، ونشر تهديداتهم، مع أن هذا في معايير «الإعلام الغربي» بالجملة لا يسمح به وينظر إليه «مهنياً» بدونية، وانظر إلى منع نشر صور ضحايا تفجيرات باريس كنموذج لدرء الأثر السلبي لنشر صور الدماء والأشلاء في الداخل الفرنسي.

وإذا كان ملف «تمويل» الجماعات الإرهابية بالأموال مفتوحاً ومشدداً عليه منذ أحداث 11 سبتمبر فلماذا لم يفتح ملف التمويل «الإعلامي» لهذه الجماعات وهو في اليد وتحت السيطرة أكثر من السيطرة على التمويل المالي؟ بل إن التمويل بالإعلام يمد التمويل المالي بالمساعدة ويفتح له قنوات وصول أسرع وأكثر أماناً، إن هذا لا يعني سوى أن الحرب على الإرهاب ليست إلا أداة للاستغلال، بل هي وحش يطلق كل فترة لاستثمار الهلع منه والبراءة من علاقة به، وبين هذا وذاك تتحقق مكاسب لمن يمسك برقبة الوحش بعيداً من الأدوات الساذجة المستخدمة. وهنا لا قيمة للإنسان الروح والجسد الذي تدعي أنظمة الغرب احتراماً له ولحقوقه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.