لكم سيولكم ولنا سيولنا

سألت صديقي اللدود الشيخ «مدهن» هل يجب أن يكون لكل قطرة مطر جواز سفر يخبر عن نشأتها وموقع هبوطها، حتى نحدد بدقة مسؤولية «بوابات» انسيابها والأضرار المتوقعة منها؟

خصصت السؤال للشيخ «مدهن» لإيماني العميق بقدراته وخبراته المتعمقة، واطلاعه على «مجريات» الأمور وتصريفها، فهو يمثل الشراكة بين القطاع العام والخاص تمثيلاً أصيلاً، يمكن اعتباره مولد أفكار نتيجة هذا المخزون، والدهن الذي «يلصف» على وجنتيه من علامات التنمية ومؤشرات المشاريع العالمية المتطورة.

وقبل إيراد إجابة الشيخ «مدهن» لا بد من التذكير بأن سبب طرح السؤال تصريح لوكيل وزارة النقل عن غرق مخارج تابعة لوزارته، إذ نقل عنه قوله إن وزارة النقل غير مسؤولة عن السيول التي تأتي من الأحياء المجاورة، في إشارة إلى عدم توافر مشاريع تصريف سيول في تلك الأحياء المجاورة للنفق الغريق. والمعنى أن النفق المسكين تحمل أكثر من طاقته وغص ليس بالماء فقط، بل وبالسيارات الطافحة.

إجابة الشيخ مدهن كانت غير متوقعة مثل تصرفاته، إذ أصر أن معهم حقاً، وتابع مبرراً بقوله: «لو أمطرت في مزرعتي وش دخل مزرعتك»؟ وقبل أن تجحظ عيناي دهشة من الجواب أضاف قائلاً: لهذا استحدثت الشبوك!

ويبدو أن الشبوك التي عرفناها في الأراضي الفسيحة البيضاء موجود مثلها داخل «فكر» بعض الأجهزة الحكومية المختلفة، حالة تجزر قديمة متجددة. وإلا ما الذي يمنع النقل «مع تكرار حالات الغرق» من التخلص من المشكلة، وحشرها في حلق المعنيين بتصريف سيول الأحياء المجاورة أو ما جاورهم؟

وما دام النظام «لكم سيولكم ولنا سيولنا»، لا بد من استحداث بصمة لكل قطرة مطر!

ورغم أن الشيخ مدهن مشغول ولديه اجتماع طارئ مع واحد من أصدقائه المسؤولين، سألته على عجل عند التصميم الهندسي لهذه المشاريع واعتماده من مسؤولي الوزارة لهذا النفق أو غيره، ألم يؤخذ في الاعتبار عدم وجود شبكة تصريف في المحيط الذي يخدمه النفق؟ رد وهو ينهض ملتفاً «ببشته اللامع» وهو يقول: لا تلومهم ويا غافل لك الله، يمكن نقلوا التصميم واستنسخوه من بلاد فيها تصريف لسيول الأحياء المجاورة!

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.