مع احترامي للمتبرعين!

من واقع تجربة ومتابعة لهذا الشأن، أقترح نظاماً يحدد طريقة الإعلان عن التبرعات، خصوصاً المقدمة لجهات عامة من رجال أعمال، بحيث تعلن الجهة المستفيدة نفسها عن «تسلمها» تبرعاً من فاعل الخير فلان، فإذا كان شيكاً نقدياً يعلن أنه تم صرفه ولم يتعرقل! وإذا كان تبرعاً عينياً – قطعة أرض مثلاً أو مبنى – يعلن عن «إتمام نقل الملكية للجهة المستفيدة».

والسبب معروف للبعض، أما البعض الآخر الذي لا يعلم فهو أن هناك تبرعات لا تصل لأسباب مختلفة، أركز هنا على سبب رئيس منها، ولعل المتابعين للشأن الرياضي الكروي على سبيل المثال أول من يعلم عن «حالات» مثل تلك، في تبرعات للاعب أو ناد، لكن القضية تتجاوز هذا إلى أهم منه.

ولأن الإعلان عن التبرع من عدمه حق للشخص المتبرع، ولكل «شيخ» طريقته، مثلاً الشيخ «مدهن» إذا حدث وتبرع لا يمانع أن يفرد صفحة إعلان في صحيفة لشكره من المتبرع لهم وعلى حسابه! طبعاً الشيخ مدهن نادراً ما يتبرع في داخل البلاد، نشاطه التبرعي مخصص للبلاد التي يقضي فيها أطول وقت من العام. وله حكايات في هذا الجانب ربما يأتي وقتها بعون الله تعالى.

وبعيداً عن الشيخ مدهن، أنصح الجهات التي تتلقى وعوداً بالتبرعات بعدم الإعلان عن التبرع إلا عند تسلمه! وسأروي لكم تجربة عايشتها دفعتني لطرح هذا الرأي والتمسك بهذا الموقف. في زمن مضى عملت سنوات في منشأة خيرية، رعت هذه المنشأة معرضاً للسيارات وحضر رئيس المنشأة وافتتح المعرض، ومع الوهج الإعلامي تقدم رجل أعمال «وقتها كان وكيلاً لنوع من السيارات ولاحقاً فلتت منه الوكالة»، وتبرع بسيارة للمنشأة الخيرية، ليصنف فاعل خير وريادياً في الأعمال الخيرية، أخذ وهج الإعلام وفلاشات التصوير، ثم مكثت إدارة المنشأة تخاطبه وترسل المعقبين للحصول على «السيارة المتبرع بها» من دون فائدة، وضع رجل الأعمال موظفي الاستقبال في شركته حائط صد وسوراً منيعاً، موظفون من عينة «جورج» وغيره ردودهم المحفوظة… الشيخ مسافر أو في اجتماع وأحياناً في لقاء خاص مع مسؤول «كبير طبعاً» لزوم النفخة والحصانة! وما لكم بطول السالفة لم تحصل المنشأة على التبرع، وبعد شهور من الملاحقات «ودفق ماء الوجه» أقصى ما قدمه رجل الأعمال الهمام «تخفيض بسيط» على سعر السيارة.

والشاهد أن هناك من يعلن عن تبرع لأجل الأضواء الإعلامية أو مجاملة وقتية لشخصية يهمه التقرب منها، وإذا جاء وقت الدفع تملص مثل زئبق وراغ مثل ثعلب، ولأن كل تبرع يعلن يعتبره الناس وصل إلى الجهة المتبرع لها وأصبح في حوزتها، وبالتالي «أمانة» لدى المسؤولين فيها، ولأن كثيراً من هؤلاء يتحرجون من الإعلان في الإعلام أنهم لم يتسلموا التبرع على عادة «الستر» في مجتمعنا! فالاقتراح أعلاه مناسب في تقديري ليكون نظاماً يحفظ الحق وماء الوجه.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.