المخدة العجيبة!

ألا تلاحظ أن المخدة أصبحت تصاحب بعضاً منا، الجالس على كنبة، والجالس على الأرض، وفي السيارة، وعند النوم، وأنتج منها أو غلف أشكال تستلهم التراث، الاتكاء ملازم للمخدة، وسبب من أسباب استخدامها، والإشارة هنا إلى «اتكاء» عام وتنموي، ولكن على ماذا؟

في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل، أحضر مواطن مخدة تبدو رائعة ونظيفة مزينة بغطاء قماش من «السدو»، وقال إنه سمع الكثير عن حشوات غير نظيفة لهذه المخدات، ويريد التأكد من صحة ما سمع، أحضر سكيناً وبدأ بقطع القماش الأحمر المزين بالأبيض والأسود ليخرج منها قمامة حشرت كحشوات، ملابس أطفال ونساء قديمة، أكياس بلاستيك، ربما من بينها حفاظات مستخدمة، وكل ما يخطر على بالك من زبالة تشيح النظر عنها إذا ما وقعت عليها عيناك.

المواطن قال بحسرة وألم إنه يستخدم هذه المخدة في سيارته، وحين يذهب إلى البر منذ سنوات! يتكئ عليها، وقد يقدمها لضيوف، وهو لا يدري ماذا تخفي؟

في جانب آخر، تعلن وزارة التجارة والصناعة بين فترة وأخرى عن دهمها لمعمل أو مستودع يعيد استخدام الأسفنج القذر، يتم جمع هذا الأسفنج من الزبالة، وربما هناك شبكة لجمعه ثم يعاد تغليفه ليباع، الوزارة وصلت إلى المستودع الخامس من هذا النوع.

وكل هذا لم يكن ليحدث إلا بسبب طول زمن من اللامبالاة الرسمية من جهات الرقابة، من إهمال العمالة وتسيبها، إلى إهمال عشش وصنادق وبيوت قديمة، أو شقق تستخدم كمعامل، وربما لم يكشف إلا رأس جبل جليد إعادة التدوير القذرة، وقتها حينما كنا نكتب ونحذر ونطالب كان يرد علينا بعضهم بأننا لا نرى سوى النصف الفارغ من الكوب أو الكأس، الآن يمكن لنا رؤية حشوة النصف المليان!

في المخدة رمزية لبريق الواجهة والتغليف، وفي الحشوات حقيقة «القيمة»، تباع المخدة لفترة طويلة من الزمن باستخدام ألوانها البراقة، ولا يمنع من اعتبار ذلك إنجازاً!؟

وحتى لا نصعق كما تفاجأ المواطن المغبون في المقطع المصور، لا بد أن نفحص كل شعار مهما بدا لامعاً فلا نركض خلفه «مع الخيل يا شقراء»، لمجرد أن من يسوقه قادر على الإقناع، واستخدام المؤثرات الملونة، والخبراء الأجانب، أو المشتغلين معهم، لا بد أن نفتش في الحشوات ونتأكد من صلاحيتها، وعدم احتوائها على نفايات، أو فايروسات تصيبنا بأمراض مستعصية مستقبلاً.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.