المباني تصاب بالسمنة أيضاً!

لا تتأخر رائحة «التنفيع» في الظهور، هي تحتاج إلى بعض الوقت فقط لتملأ المكان، لتشبع الجهاز التنفسي والعصبي برائحتها النفاذة، وإذا كان المجتمع من الزاوية الصحية يشكو من تزايد سمنة أفراد، فإن هناك سمنة أخطر تتزايد أيضاً، الخطورة فيها أنها تتجاوز المساس بصحة أفراد إلى صحة المجتمع والاقتصاد. فحتى المباني تصاب بالسمنة أيضاً، وهي كما أفراد حصلت على كميات أكبر من السكريات والنشويات في لحظة ما.

من بوابة تشجيع الاستثمار والإعانة عليه ودعمه تبدو صورة من صور السمنة المفرطة لا تلاحظها العيون، إلا لحظات المرور بجوارها، مبانٍ لمستشفيات، أو مدارس، إما قدمت أراضيها «للاستثمار» كمنح، أو برسوم رمزية طويلة الأجل، في الغالب تقع على طرف الحي السكني، أو في وسطه، ما أن تبدأ في الازدهار حتى تصاب بفرط السمنة لتبرز الشحوم وتتدلدل من شقوق قميص ضيق حشرت فيه، هذه «الطفرة» في النمو، لم يحسب لها حساب لا المستثمر بعيد النظر في المفترض، الذي خطط للاستثمار والحصول على عائد، ولا الرسمي البلدي، أو التعليمي والصحي الذي قدم له الرخصة.

تندلق شحوم المبنى لتحتل الطريق الضيق أساساً ليتحول إلى سكة سد.

لم يفكر الرسمي ذلك الجهاز المعني بخدمات الحي وراحة ساكنيه حينما وقع ودمغ الفسح بالموافقة، ربما أعماه دعمه للاستثمار، ولن يفكر المستثمر في مثل هذا الاختناق لأنه بعيد عنه، تصله أمطار السحابة، وهو هناك في سكنه المريح، والمعضلة هي في زيادة الطاقة الاستيعابية لمثل هذا المبنى، تحقيقاً للاستثمار «الأمثل»، والخطورة تتجاوز راحة السكان وانسياب حركة الدخول والخروج إلى خطورة على السلامة في الحالات الطارئة، وفي محطات الوقود تجد استثماراً أمثل ومماثل لمبانٍ مدرسية وصحية خاصة مصابة بتضخم الكروش.

إنك تحتاج إلى مرونة ولزوجة سمكة لتمخر عباب بحر محطة وقود صغيرة، ما بين مضخة الوقود ومضخة القهوة ومضخة النقود، المهم هنا هو الضخ. والبلديات الحريصة على جمال المدينة وألوان الواجهات وأشكالها حرصاً يخاف عليها فيه من الحسد، لا تنظر إلى هذه «العشوائيات» الصغيرة، لا تراها تسيء إلى الجمال فكيف تنظر إلى السلامة والراحة؟

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.