الإدراك قبل الحاجة أم بعدها؟

قال وزير النفط السعودي علي النعيمي: «إننا ندرك أننا في حاجة إلى الطاقة المتجددة من أجل تقدم البشرية ومستقبلها». وأضاف: «إن السعودية نشـطة من خلال جامعات ومـراكز الأبـحاث فـي تــطويـر الـطاقة المتجددة».

هذا التصريح قيل على هامش مؤتمر بالي للطاقة النظيفة المنعقد في إندونيسيا قبل يومين.

حسناً، هل ترى عزيزي القارئ في السعودية نشاطاً يدل على إدراك حقيقي للحاجة إلى الطاقة المتجددة لتقدمنا ومستقبلنا نحن؟ ولنترك البشرية لرب البرية.

وهل ترى نشاطاً «من خلال الجامعات ومراكز الأبحاث في تطوير الطاقة المتجددة؟» بحسب ما ذكر الوزير أم أن التصريح خاص بالمؤتمر.

ربما لست بالمتابع الجيد والدقيق لمثل هذا «النشاط!».

إنما يمكنك تتبع أخبار الجهة المعنية بالطاقة الذرية والمتجددة «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة»، بعد خمس سنوات من إنشائها لتعرف مستوى «إدراك الحاجة»، ومدى ما تحقق ملموساً منه على الأرض؟

أرجو ألّا يقال إن هناك مشروعاً أو مشروعين تجرب فيهما شركة «أرامكو» وشركة الكهرباء، فالسؤال عن الإدراك والحاجة، يعني توجهاً عاماً وخياراً له الأولوية على ماعداه، أما إذا رغبت في معرفة نماذج حاضرة للإدراك الحقيقي «العملي» لأهمية الطاقة المتجددة فأنت لا شك ستهنئ معي المملكة المغربية على افتتاح المرحلة الأولى من مشروع «نور1» للطاقة الشمسية قبل أيام، الذي وصف بأنه أكبر المشاريع في العالم من هذا النوع. وستبارك لدولة الإمارات مشاريعها، وخصوصاً مدينة مصدر بالقرب من أبوظبي التي تعمل بالــطاقة الشمسية.

في زمن مضى حين اكتشف النفط وأحدث تغييراً اجتماعياً هائلاً، قال الشاعر الشعبي بندر بن سرور يرحمه الله:

(سلط على النصراني اللي لقى الزيت/

يا عل نبع الزيت يعمي عيونه)

ولا يلام الشاعر، كما لا يلام أجدادنا، يرحمهم الله، في أنهم لم يعلموا أن تحت صحاريهم ثروة، وهم يعانون من شظف العيش، فلم تكن هناك فرص للعلم والتعلم، مع فاقة وفقر وشقاء، إنما نحن نلام ولدينا من يعلم سواء تعلم هنا أم تعلم في الغرب والشرق والعالم من حولنا يتحول وهذه الطاقة «تضرب» رؤوسنا كل يوم، الإدراك يأتي قبل الحاجة، ويأتي بتوطين هذه التقنية، أما بعدها فهو استدراك يحاول الحصول على القليل المستورد بعدما طارت الطيور بأرزاقها الشمسية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.