«الترويشة» على الحكومة

يمكن للموظف الحكومي التمتع والتنعم باستهلاك المياه بالتعرفة القديمة أو بكلمة أدق ببلاش خلال دوامه الوظيفي، لذلك من المتوقع أن يرى المراجعون موظفين خارجين من دورات المياه، وهم يجففون شعر رؤوسهم وربما يصبح أحد الأعذار للموظف غير الموجود على مكتبه، أنه «يتروش» وعلى المراجع الانتظار وهو يحمل منشفة! وزارة المالية أبلغت الوزارات الأخرى أنها لن ترصد أموالاً لاستهلاك المياه والكهرباء لتلك الأجهزة بحسب التعريفة الجديدة، الخبر نشرته «عكاظ».
موضوعياً الوزارة كانت صريحة في التنبيه على الوزارات الأخرى وبالأحرى هي رمت كرة «المسؤولية» الاستهلاكية من فواتير وأموال مستقبلية ومتوقعة على إدارات هذه الوزارات، لذلك سنرى تعاميم من الوزراء والوكلاء تخص ترشيد استخدام المياه والكهرباء في مباني الأجهزة الحكومية المختلفة، أما التأكد من هذا وتطبيقه فهو سيضم لمجلدات من التعاميم الأخرى.
الطريف في قضية الترشيد في المياه كما في غيرها أن الأجهزة الحكومية التي يفترض أن تكون المبادرة والقدوة في ما تطالب به الجمهور لم تطبقها في مبانيها، وكان من المفترض – وهو مفترض كثير – أن هذه الإدارات واحات لتعليم الترشيد في استخدام الطاقة والمياه والأدوات المكتبية إلى آخر ما يمكن التخفيف من سوء استخدامه.
ولا تلام وزارة المالية التي تستبق دائماً الأحداث، إلا في حسن إدارة الفوائض المالية أثناء رخاء سعر برميل النفط التي لم يسأل عنها أحد. ويمثل هذا الإخطار من وزارة المالية فرصة للموظفين للتروش وحتى لغسيل الثياب، ومع أنه سبب بسيط إلا أنه يمكن ضمه لأسباب متعددة دفعت الكثير للحرص على الوظيفة الحكومية في مقابل وظائف في القطاع الخاص أو بحث عن فرص عمل.
والإخطار أو التعميم أيضاً يعطي صورة عن حقيقة ترسيخ الوعي بالترشيد، أنه برمي المسؤولية وهي رميت ردحاً من الزمن على المستهلك الفرد والأسرة، في حين أن الاستهلاك الحكومي في الطاقة والمياه وغيرهما كان في الظل لا ينظر إليه عند الحديث عن محاسبة الهدر وحسن توظيف الموارد حتى وصلنا إلى مفترق طرق بسبب انخفاض سعر النفط.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.