«السوق يشيل والمجتمع شيال»

«السوق يشيل»، كانت هذه من العبارات الشهيرة المتداولة في «كواليس» سوق الأسهم أيام «موجة» أو «هوجة» أطروحات الاكتتابات، لذلك عايشنا أطروحات عجيبة من شركات لا توصف إلا بالمتردية والنطيحة، من شركات تأمين إلى مقاولات وخدمات وغيرها.
كان الطرح فرصة ذهبية وماسية انتهزها البعض من كبار القوم، وكان من المتوقع أن تقوم الأجهزة الحكومية، خصوصاً هيئة سوق المال، بدور الخبير الحكومي «العادل» الذي لا يسمح بالمرور إلا للشركات التي تستحق. القبول بالطرح أولاً، وثانياً الموافقة على القيمة العادلة للسهم المطروح للاكتتاب. ما حدث كلكم تعرفونه، والعبارات التي تضعها هيئة سوق المال في نشرة الإصدار لا تعفيها من المسؤولية. ويوم (الجمعة) الماضي نشرت إحدى الصحف الإلكترونية، خبراً قالت فيه إن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أصدرت حكماً ابتدائياً في قضية شركة المعجل بـ«إدانة مسؤولين في مجموعة محمد المعجل، تضمّن تغريم مؤسسها محمد المعجل 1.6 بليون ريال، تعويضاً للمساهمين الذين اكتتبوا في أسهم الشركة عند طرحها واحتفظوا بملكيتهم، حتى تم إيقاف أسهم الشركة عن التداول عام 2012».
خلصت اللجنة إلى «أن الطرح تضمّن معلومات مضللة للمساهمين»، ومع التعويض تضمّن الحكم «سجن محمد المعجل وابنه عادل مدة 5 سنوات، وأمام المدانين 30 يوماً لاستئناف الحكم أمام لجنة الاستئناف».
أما السعر العادل للسهم عند الطرح فهو 18 ريالاً فقط، في حين طُرحت واكتتب بها المساهمون المضلَلون بـ70 ريالاً، والسعر «الجديد» – بحسب الصحيفة – جاء من شركة استشارية كلّفتها لجنة الفصل بتقييم السعر العادل لسهم الشركة وقت الطرح.
هذا الحكم الابتدائي خطوة إيجابية – ولو متأخرة – لاستعادة الثقة بـ«الخبرة» و«الإدارة» والصدقية الحكومية، صحيح أن هناك استئنافاً، إنما هذا «الحكم» أيضاً جاء مصدقاً لما كان يكتب من كثير من المهتمين بالشأن الاقتصادي والشأن العام في قضية الاكتتابات.
شركة المحاسبة التي عملت على مراجعة قوائم الشركة تم الحكم «الابتدائي» عليها بغرامة 300 ألف ريال، ومنع من العمل مدة عامين، وهو حكم ضعيف جداً لا يقارن بالضرر الذي حصل للمساهمين وللإدارة الحكومية أيضاً.
والسؤال: لماذا لا تحاسب هذه الإدارة أيضاً والتي قبلت بطرح من هذا النوع؟ وكيف لم تستطع اكتشافه؟ وهل هذا يعني اعتماداً «أعمى» على أختام شركات المحاسبة؟
«السوق يشيل» في الأطروحات، والمجتمع شيال أيضاً في قضايا أخرى. هكذا قيل ويقال ويبرر، لكن الضرر يجتمع ويتراكم ليتحول إلى خطر داهم على الجميع، بمن فيهم من اعتقد أنه ينتهز فرصة ذهبية بمعلومات مضللة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.