الثور المظلوم

في القصة الشهيرة عن الأسد والثيران الثلاثة، الأبيض والأسود والأحمر، والتي تحلو استعادتها كلما أحدقت بالعرب أوضاع سيئة متردية، ليضرب المثل: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض»، استطاع الأسد إقناع الأكثرية «الأسود والأحمر» بعدم استهدافه لهما، لينفرد بالأبيض ثم يلتهمه!
نجح في شق الصف، لكن الراوي أو القاص لم يخبرنا عن أحوال الثور الأبيض، ولماذا وقف الثوران الأحمر والأسود ضد رفيقهما، هل كانت هناك خلافات؟ وما نوعها؟ فهل كان الأبيض سيئاً في تعامله، ربما مغروراً مستبداً يستأثر بالأعشاب والظلال، أم أن هناك غيرة من الثورين الآخرَين تجاهه لسبب مجهول؟
تعيد القصة – مثل قصص وعظية كثيرة – أهمية الوحدة والاتحاد ضد الأخطار المحدقة، وهي شبيهة بقصة الأب مع بنيه حين أوصاهم بالاتحاد، ليثبت لهم أن الاجتماع وعدم الفرقة هو السبيل الوحيد لمواجهة الأعداء.
لكن في قصة الثيران الثلاثة فجوة عن سبب موافقة الثورين، على رغم أنهما سيصبحان أضعف إذا ما أُكِلَ الثور الأبيض، ولسد هذه الفجوة في القصة، حتى تكون أكثر منطقية وتحقق الهدف المرجو من خلاصتها، أي ليبلغ المثل الشهير مخيخ المتلقي، لأن الهدف من القصة هو العبرة من النتائج، وهي لا تتحقق من دون دخول في التفاصيل، فالشيطان يمكن فيها كما يقال وهو الواقع، أما الوحدة والاتحاد فهي من المتفق عليه والمسلم به، حتى لدى كل من لا يجمعهم ما يجمع الثيران من صفات ومصالح.
لذلك يخيل إليّ أن هناك دوراً غامضاً لشخصية خامسة جرى استبعادها من القصة، ولكنها محورية، وربما خلف الكواليس، دور لمستشار، أقرب ما يكون هو الحمار. كانت الثيران الثلاثة تعتمد عليه في التعامل مع قضاياها، وهذا الحمار هو الذي قدم النصيحة للثورين الأسود والأحمر، ومن غير المستبعد أن يكون الأسد قام بتوظيف هذا الحمار وغرسه وسط الثيران الثلاثة، لتحقيق هدف الوفرة الغذائية له، ولا بد أن للحمار أيضاً هدفاً أو أهدافاً، ربما يتحقق له عصفوران بحجر واحد، السلامة الموقتة من الأسد، والاستئثار بالمرعى الأخضر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.