نهش

رفضت محكمة في السعودية دعوى تقدمت بها البلدية ضد مواطن تتهمه فيها بالتشهير مطالبة بتغريمه وسجنه وفقاً لنظام «الجرائم المعلوماتية»، وكان المواطن صور مقطعاً لكلب ينهش لحم ذبيحة في مسلخ تابع للبلدية لينتشر في مواقع التواصل، المحكمة ردت الدعوى وشكرت المواطن وأيدت محكمة الاستئناف الحكم، ولم يحدد من المقصود بالتشهير هل هو الكلب الناهش أو الذبيحة المنهوشة أم البلدية نفسها.
وبدلاً من أن تخصص البلدية وقتها للكلاب الضالة استنفرت همتها لرفع قضية ضد مواطن لأنه كشف المستور، فالجرائم المعلوماتية في عرف البلدية هي إخبار الناس الحقيقة، مثل حقيقة أوضاع المسالخ التابعة لها ومدى الرقابة عليها، ولأن المعلومات في العرف الرسمي تؤخذ من مصادرها، فالمصادر تتحول إلى ماكينات تزيين لتجمل المعلومات أو تحد من تدفقها بالصمت وعدم الرد، تطميناً للناس وسداً لذرائع الإشاعات الناهشة بالطبع!
ومع أن حكم المحكمة أنصف المواطن ورد اعتباره أقلها في رفض الدعوى وشكره، إلا أن الواجب كان أن تتولى جهة ما رفع دعوى على البلدية، لأنها أولاً فرطت في الرقابة، والثاني أنها بادرت برفع قضية بدلاً من لملمة الموضوع ومعرفة نقاط الضعف في إدارتها، وشكر مواطن أهدى لها عيوبها وعيوب موظفيها، ويظهر أن الكلاب الضالة مشكلة بلدية في أكثر من منطقة ويجري التستر عليها من خلال رفع القضايا خصوصاً مع وفاة طفل في عمر التاسعة بالقصيم نتيجة هجوم كلاب ضالة عليه.
ولم أكن أعلم أن البلديات تعرف طريق المحاكم فكيف بقضية بسيطة مثل تلك، والشوارع التي هي من أهم مسؤوليات البلديات يتم تشبيكها من رجال أعمال، فأين البلديات من رفع قضايا في المحاكم عليهم أو على من سمح أو «تغافل» عنهم كل هذه المدة الطويلة، فإذا كانت البلديات حريصة على السمعة من التشهير فإن أكبر تشهير حدث للبلديات ليس في مشهد كلب ينهش لحماً في مسلخ، بل في وقائع نهش الطرقات وابتلاعها في المدن.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على نهش

  1. محمد. كتب:

    ابو احمد
    لماذا لا يكون عندنا خضر ومؤسسات اجتماعية تكونون أنتم كرموز اجتماعية السباقين لانشاءها

التعليقات مغلقة.