ومن «الخلل» ما قتل

أبت أغنية طلال مداح – رحمه الله وغفر لنا وله – إلا أن تحضر مع خبر لصحيفة «الاقتصادية»، حضرت مع تحوير، فهي في الأصل «عندك أمل عندك، محتاج أمل عندك»، لكن الأمل تحول إلى «خلل» بعد التعديل، وكأنه الصورة الطبيعية بين النظرية والتطبيق أو بين ما يعلن ويسوّق للجمهور مع زفة إعلامية وما يحدث على الأرض.

«الاقتصادية» نشرت عن تقرير لجنة ضمت ديوان المراقبة العامة والمباحث الإدارية وهيئة الاستثمار، خلص إلى «لاحظ ديوان المراقبة العامة عند مراجعته الحسابات الختامية، احتفاظ الهيئة العامة للاستثمار بإيرادات مركز التنافسية التابع لها، والمتمثلة في المقابل المالي للخدمات المقدمة للمستثمرين في حساب خاص خارج سجلات الهيئة، ويتم الصرف من هذا الحساب من دون التقيّد باللائحة المالية التي تحكم عمل الهيئة. كما تم رصد قيام الهيئة بصرف بدلات لموظفيها في الخارج من دون (سند نظامي)، وبدل سكن نقدي يتجاوز راتب ثلاثة أشهر مخالفة للائحة تنظيم العمل في الهيئة، وتجاوز رواتب بعض من تعاقدت معهم سلّم رواتبها المعتمد».

انتهى الاقتباس من الصحيفة، وهو غيض من فيض، وما اكتشفه ديوان المراقبة ليس جديداً على المراقب والمتابع، هو معلوم، وسبق وكُتِب عنه في الصحف في وقته، وكان للهيئة الريادة في فتح الباب لهذه «التجاوزات» أو «المخالفات» أو الخلل، فهي كما ترى كلمات لطيفة أقصاها يصنف مثل المخالفة… المرورية! لكن ما تحت السطح مع هذه «المخالفات» ماذا قدمت هيئة الاستثمار للاقتصاد والمواطن مع كل هذه البحبحة في الصرف؟ ثم أين هذه الجهات الرقابية من العمل في وقته؟ إن ما هو أهم من المال هو الأمل الذي تحول – مخففاً- إلى «خلل»، كيف هي حال الثقة في العمل الحكومي لدى المواطن ما قبل وما بعد؟ ولا أتوقع أن يحدث هذا التقرير محاسبة مشهودة لمن تجاوز وخالف واستمتع بالصرف «المخالف»، فهي معاملة من ضمن المعاملات مصيرها الدوران في حلقة مفرغة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.