هل كان المال مشكلة؟

مع تزايد الاتجاه الحكومي لفرض الرسوم على المواطنين، بوصفها مصدراً «للإيرادات غير النفطية»، وأخبار عن اعتكاف وزارة الاقتصاد والتخطيط على مبادرات جديدة لم يكشف عن تفاصيلها، لكن يتوقع أنها لن تخرج عن دائرة زيادة أو فرض رسوم هنا وهناك، أعيد طرح سؤال سبق طرحه في زمن الفوائض المالية وتصريحات في الداخل والخارج لمسؤولين عن قوة الاقتصاد الوطني.
السؤال هل كان المال هو المشكلة؟ بمعنى هل توافره أو عدم توافره كان هو مشكلة التعثر أو التأخر في مشاريع وتطور الأداء الحكومي؟
قبل سنوات قليلة عايشنا عذراً وحيداً يصدر عن مسؤولين، من بينهم وزراء، يقول إن البند لا يسمح، كان هذا يقال همساً ثم ارتفع الصوت إلى تصريحات، ثم انهمر رصيد الموازنات البليونية، وقال الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله وغفر له، قولته الشهيرة أن لا عذر للمسؤولين. وكان أن تحولت عدد من الأجهزة الحكومية إلى جهات إشراف على مقاولات إنشاء مبانٍ في الغالب، وكثر تعثر وتأخر المشاريع، وغصت شركات المقاولات بعقود إنشاء، وانتشرت عقود الباطن، ولم تستطع الوفاء بالتنفيذ في الوقت المحدد، أيضاً كثرت «دراسات» المشاريع ونماذج مخططاتها على الورق مزينة بتصريحات إعلامية مبهجة.
ولم يحدث كل هذا الصرف الضخم انفراجاً ملموساً في أهم القطاعات التي تواجه اختناقات منذ زمن ما قبل الفوائض المالية، وبخاصة الصحة والتعليم وغيرهما من القطاعات المهمة.
النتيجة الواضحة أن الأموال لم تكن هي العقبة الرئيسة، بل هي الإدارة، من إدارة الفوائض المالية وحسن توظيفها إلى إدارة الأولويات في المشاريع الملحة والضرورية، افتقدت الإدارة القدرة على الضبط ومراقبة كفاءة التنفيذ، الإدارة بطواقمها البشرية الحكومية وأنظمتها القديمة كانت المسؤولة، وهي افتقدت أيضاً المساءلة والمحاسبة، وفي المحصلة الحاضرة أمامنا. إن الأموال لم تعد متوافرة كما كان في السابق، لكن الإدارة هي نفسها، فهل سيغير أداؤها فرض رسوم على هذه الخدمة أو تلك؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.