«كبسة» التجار

نحو 26 قراراً بالتشهير والغرامة صدرت عن مجلس المنافسة ضد كبار تجار في سلع أساسية، أهمها الرز، ومنها المشروبات الغازية والغازات الاصطناعية والخرسانة، وخدمات كالاتصالات.
ومن التقصي ثم إحالة القضية إلى لجنة الفصل وإصدار قرار، ثم التظلم وصدور قرار نهائي من محكمة الاستئناف، هناك فترة زمنية طويلة. معظم قرارات التشهير والغرامات التي أعلنت أخيراً في الصحف لها في المتوسط خمس سنوات، إن لم تكن أكثر!
نظام المنافسة بمجلسه صدر قرار إنشائه قبل 12 سنة تقريباً، ولا بد من أن هناك أسباباً خفية لعدم تفعيله وظهور جهوده، وتأخره كل هذه المدة الطويلة، على رغم أن وسائل الإعلام قامت بجهود كبيرة لفضح الاحتكار. من المهم فحص أسباب عدم فعالية المجلس كل تلك المدة وتقصيها، فهذا ربما يزيد قوة المجلس ليحقق أهدافه المعلنة.
من جهة ثانية، ما هو الأثر في السوق جراء هذه القرارات والغرامات؟ وهل الأخيرة من حيث القيمة كافية لردع تكرار الاحتكار والاتفاق عليه بين كبار تجار؟ هذا السؤال مهم كسابقه، لأن المستهلك لم يلمس تأثيراً يذكر، والغرامات ربما بالنسبة إلى كبار تجار ليست بالمبالغ المهمة، مقارنة بأرباح الاحتكار وطول المدة!
معظم الأسماء المشهورة من تجار الرز كانوا من المشهّر بهم، نتيجة لاتفاقات بينهم، وفي تلك الفترة لا تُنسى تصريحاتهم وخروجهم في وسائل الإعلام للتدليس بمبررات غير حقيقية، لحماية تثبيت الأسعار على ارتفاع، على رغم انخفاضها في الأسواق العالمية!
تميز مجلس المنافسة عن «نزاهة» بأنه لم يبحث عن مشجب «الوازع»، ولا «التوعية»، ولم يكتفِ باللافتات والعبارات، لكن إذا لم يدرس المجلس آثار قراراته في السوق ومدى إيجابية تتحقق لمصلحة المستهلك فسيتحول إلى مجلس جباية، «يستثمر» المخالفات لمزيد من دخل يصب في موازنته، وسيبقى الاحتكار ما بقيت الغرامات الضعيفة وطول فترة التقصي والتقاضي والتظلم، يضاف إلى هذا عدم شمول تجارة التجزئة والمطاعم بالتشهير والغرامات، والنتيجة زيادة ضرر المستهلك وعدم ثقته بالأجهزة الحكومية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.