ترشيد الخطاب

هناك ملاحظات كثيرة على التصريحات الإعلامية، التي تصدر عن سماحة المفتي أو أعضاء من هيئة كبار العلماء، حين تتعلق بالشأن العام أو بأحداث داخلية وخارجية. ومع احترامنا وتقديرنا لهم ولعلمهم ومقامهم، إلا أن هناك أبعاداً أخرى سياسية وغير سياسية، لما يصدر عنهم، لا توضع في الحسبان، لأسباب عدة، بعضها يمكن تخمينه، وقد يكون منها مالا نعلمه، والملامة في واقع الأمر تقع على المحيطين بهم، من مستشارين وموظفين يفترض أنهم على دراية تخصصية، والإعلام ناقل، والنقل يعتمد على قدرات من يديره! والتصريحات التي تتم من خلال مكالمات هاتفية يحدث فيها ما لا يتوقع، ولعل البعض يتذكر اعتذارات – مع ندرتها – لمشايخ عن «سبق لسان» صدر عنه. كما أن النقل له دور في الدقة أو تعميق الضرر.
والملاحظات مختلفة ولا حاجة إلى سردها، إنما من قديم كان يمكن لسؤال «ملغوم»، أو موجَّه توجيهاً واضحاً، في برنامج للفتاوى يذاع على الهواء، أن تُحدث الإجابة عليه جدلاً واسعاً، وأحياناً ضرراً بيناً.
والواقع الآن مختلف عنه في السابق من وجوه مختلفة، لعل أهمها الصراع مع إيران ومع دوائر وقوى ضغط في الغرب أيضاً، إنما أركز على حرب معلنة، أعلنتها حكومة الملالي في طهران، ومن مرتكزاتها الحرب الإعلامية بتصريحات استفزازية من مسؤولين في السلطة العليا بطهران وقم، وهي تستهدف الحشد الداخلي، ثم تقوم باستغلال أي ردود غير مدروسة، لتوظيفها والنفخ فيها، سواء في الداخل الإيراني الشعبي أو «الطائفي» أم لدى الرأي العام الغربي. والسلطات الإيرانية الخمينية تخفي عقيدتها الإقصائية «قومية كانت أم طائفية» في تصريحاتها لحفظ تراص مكونات شعوبها وعدم استفزاز من تستخدمهم في حروبها من الشيعة، عرباً وغير عرب، في حين تعمل لترسيخها على الأرض بهدوء وجلد.
هل إيران عدو؟
إن إيران الدولة التي تديرها ولاية الفقيه عدو، هذا واقع فرضته سياساتها منذ وصول الخمينية واستتباب السلطة لها، وفي فترة رئاسة محمد خاتمي للحكومة الإيرانية كانت العلاقات ظاهرياً جيدة، مع أن السلطة الفعلية في طهران عملت وقتها على ترسيخ حضورها السري المسلح داخل الدول العربية، لكن الشعوب الإيرانية بمختلف قومياتها وطوائفها ليسوا أعداء، وإن اختلفنا معهم في العقيدة. والسعودية استقبلت أعداداً منهم في حج هذا العام، على مختلف مذاهبهم، ولم يصدر منهم شغب، لكونهم خارج تسلط وتوجيهات الديكتاتورية الخمينية. علي أكبر صالحي، مساعد الرئيس الإيراني ورئيس منظمة الطاقة الإيرانية، قال في رد على سؤال صحافي عن تنفيذ الاتفاق: «نتخذ الخطى في صورة مدروسة، ولا نبدي ردود أفعالنا بناء على المشاعر… نحن صبورون».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.