دعم المنشآت الصغيرة أم دعسها؟

في زمن مضى أطلقت الهيئة العامة للاستثمار مبادرات «إعلامية» لجذب استثمار رأس المال الأجنبي، احتلت صفحات الصحف والتقارير الإخبارية عبر البحار والفيافي، وكانت المحصلة ما شهدناه من جذب «استثمارات» المطاعم والمشاغل، وكان من نتائج ذلك خروج الكثير من المستثمرين المواطنين الصغار من السوق في قطاعات مختلفة.
ومنذ وعيت على الاهتمام بالشأن الاقتصادي وهناك عناوين رسمية تتكرر، تنويع مصادر الدخل، ودعم المنشآت الصغيرة، الأول لم يتم النجاح فيها، على رغم الوفورات المادية الضخمة في سنوات طفرة أسعار النفط الأخيرة، في حقيقة الأمر لم يتم العمل على ذلك عملاً مؤسساً برؤية واضحة، الآن يتم تنويع مصادر الدخل الحكومي من توليد الرسوم، والتي «تشفط» في منتهى المطاف جيب المواطن البسيط!
سباق الرسوم هذا بين الجهات الحكومية يحتاج إلى وقفات لاستشراف المآلات المحتملة، كان الحديث عن مصاعب تتعرض لها المنشآت الصغيرة، فتم ضم المتوسطة لها.
وإذا ما تأملنا في هدف إنشاء هيئة عامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والذي جاء على النحو الآتي: «تهدف الهيئة العامة إلى تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ودعمه وتنميته ورعايته، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، لرفع إنتاجية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي، بما يؤدي إلى توليد الوظائف وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وتوطين التقنية»، فهل يمكن لهذه الهيئة العمل على تحقيق هذا الهدف في ظل ظروف حملة الرسوم الحكومية؟
فالدعم والرعاية والتنمية التي وردت سبباً وهدفاً أول في قرار الإنشاء لا تتوافق إطلاقاً مع سياسات الرسوم التي يُعمل على لائحتها التنفيذية هذه الأيام.
تم التأخر كثيراً في إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكانت السوق ولا تزال محتكرة للمنشآت الكبيرة وما فوق الكبيرة، إذ تتسيد الساحة منذ زمن طويل، وحين تولد هيئة للاهتمام بالصغيرة والمتوسطة يتم تنفيذ سياسات ستجعل هذه الهيئة مجرد ديكور تجميل في الواجهة الحكومية!
إن من الضرورة عدم ترك «اقتراحات» فرض الرسوم لاستشاريين ليس من أكبر همومهم النتائج المتوقعة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً على الوطن والمواطن، فالاهتمام الرئيس لديهم النجاح في توقيع أكبر عدد من العقود الاستشارية، أما أصحاب المنشآت الصغيرة خصوصاً فينطبق عليهم المثل الشعبي «ياكد ما لك خلف».
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.