تجوال سيارات الأجرة!

بعد سنوات من تصريحات متكررة لمسؤولين في وزارة النقل تبشر بالعزم على إيقاف تجوال سيارات الأجرة «الليموزين» في الشوارع، ظهر أخيراً أن تنفيذ ذلك متعثر! والسبب كما أشيع عدم وجود مواقف! وأخبار عن إحالة «المشروع المتعثر» إلى هيئة النقل الوليدة وربما يدخل في دوامة التواصل مع وزارة الشؤون البلدية للبحث عن أراض… غير موجودة غالباً على المخططات. فالكل يشكو من عدم وجود الأراضي من المواطن إلى الأجهزة الحكومية… من الإسكان إلى البلديات وصولاً إلى سيارات الليموزين، وكأننا نعيش على سطح البحر.
منذ عقود ولدت وزارة النقل سيارات الليموزين حتى أصبحت رمزاً للحوادث المرورية، تمت الولادة المشوهة لتنخر في المجتمع بالطول والعرض، وهي من أوائل مظاهر التستر المسكوت عنه.
لو سألت سائق ليموزين سيخبرك أنه يعمل في المتوسط لمدة 14 ساعة يومياً ويسكن في غرفة يشاركه فيها من خمسة أشخاص فما فوق. وهو «يسرح» يومياً لتسديد المتفق عليه مع صاحب الشركة أو المؤسسة وعليه دفع قيمة الوقود وربما الزيوت أحياناً، وبعدما انهمرت سياسة تقسيط السيارات زاد عدد الليموزينات بشكل كبير جداً، المرخص وغير المرخص، وسط أي ازدحام ستجد العشرات منها أغلبها فارغاً من الركاب، وهي عنصر مهم في كل كركبة مرورية.
وزارة النقل وجدت أو سمحت «وربما تغاضت» لمكاتب ومؤسسات تأجير السيارات بمواقف حتى فوق الأرصفة أحياناً، يجمع بين الليموزين ومكاتب تأجير السيارات وكلاهما تابع لوزارة النقل و«مصرف» لوكالات السيارات، يجمع بينها الكثرة والعشوائية وسرعة التوالد بما يفوق قدرة الأرانب، وهما نموذج لفكر وزارة النقل ورؤيتها القديمة المتجددة بعذر المواقف، ومع هيئة النقل المشتقة من الوزارة وبحكم الجينات لا أتوقع تغييراً يذكر في هذه الرؤية القائمة على ماكينة التفقيس.
ظل الليموزين مسكوتاً عنه حتى ارتبط ذهنياً بجهاز المرور أكثر من ارتباطه الرسمي بوزارة النقل، وإذا أراد الوزير الجديد ورئيس هيئة النقل الجديدة أن يحدث تحسناً في هذا الملف القديم فأنصح بأن يبدأ بتنظيف «قطاع» الليموزين أولاً، ولا ينسى «قطاع» تأجير السيارات، وإذا أنجز مهمة التنظيف تُبحث مسألة المصلحة العامة للتخفيف من الازدحام والحوادث وغيرها مما لا يحتاج إلى إعادة سرد، أيهما أولاً زراعة أكشاك لمحال القهوة في المواقف وحشراً على الأرصفة وإلا مواقف لسيارات الأجرة! وإذا لم تستجب وزارة البلديات وهو المتوقع يمكن التفاهم مع وزارة الإسكان وهي تحصر حالياً الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، الحلول ممكنة من هنا وهناك، وما لا يدرك جله لا يترك كله.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.