التنويم الاستشاري

بعد «تنويع» مصادر الدخل جاءت خطوة «تعظيم» الدخل، ولكن من المصادر نفسها، وتضافرت ضغوط فرض الرسوم المختلفة مع ضغوط «الترشيد» وصرف الرواتب بحسب «الأبراج»، وكانت نتيجة «السياسة» الأخيرة أكبر موجة نكات وتعليقات ساخرة مؤلمة لم نشهد مثلها منذ كارثة الأسهم في 2006.
ومزيد من الضغوط على طرف واحد له آثار غير محمودة وأيضاً غير خافية في ظل ظروف سياسية محيطة، حتى ولو لم تظهر الآثار بشكل سريع. تراكم الضغوط سيؤدي إلى عدم القدرة على التعامل مع نتائجها مستقبلاً، ومع سياسات «الترشيد» هذه التي حصرت في دخل المواطن وإيقاف بعض المشاريع وفرض رسوم عليه، لا يرى المراقب أي سياسات تحفيز مع صمت حكومي في التفاعل الحقيقي وشرح الخطوات قبل وأثناء العمل بها، وفي قضية تراشق المسؤولية بين وزارتي المالية والخدمة المدنية دليل جديد على الارتباك في العمل الحكومي وضعف «التنسيق» في إشارة متجددة للتجزر الحكومي في ما بين الأجهزة نفسها، يصاحبه عدم تواصل مع الرأي العام.
وفي ظل هذه الأوضاع التي تتطلب أقوى حضور إعلامي حكومي يغلب الصمت، وتأتي الأخبار «المهمة» من هناك من وكالات أجنبية وهو ما يشير إلى عدم وضوح رؤية وربما عدم رغبة في مواجهة الأسئلة، فليس هناك من إشارة أخرى، فلا نريد أن نقول إنها دلالة عدم اهتمام أو إهمال، لأن هذا لا يعقل، وسيأتي ظهور متأخر بعد أن يكون الصمت الطويل أحدث ضرره.
في جانب آخر لا يعرف ماذا أحدثت خطوات الاستشاري من أثر محمود إن كان هناك من أثر مثله، أما الأثر غير المحمود فهو واضح المعالم، ومما يدور في كواليس الأجهزة الحكومية التي انشغلت بصياغة المبادرات والبحث عن منابع الرسوم، أن هناك استنجادات من المسؤولين فيها وطلب «فزعات» من خبرات قديمة في الجهاز، تلك التي تم الاستغناء مع موجة الاستشارات العاتية، وهو أمر متوقع لا يحتاج إلى استشاري ليتنبأ بحدوثه.
الظهور الإعلامي المتأخر وعلى قولة القايل «مثل عدمه»، لأنه يشير إلى عدم إدراك وجاهزية مبكرة، وربما لم يأت إذا أتى إلا بتوجيه من أعلى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.