“أرامكو”تخسر بتغريدة

على افتراض أن شركة أرامكو السعودية، وهي شركة مملوكة للدولة، تهتم بالرأي العام الداخلي، وعلى افتراض أنها في أعمالها المختلفة تمثل الدولة المالكة، وعلى افتراض أنها أداة من أدوات تنفيذ الأهداف المعلنة للحكومة، من تنويع مصادر الدخل إلى توفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وعلى افتراض أن هذا كله هو الأمر الطبيعي والمنطقي و«الاقتصادي» الذي لا يتوقع أحد نقيضه، وكل هذه الافتراضات هي في الحقيقة واجبات. المتحصل من هذه الافتراضات أن تكون على قدر من المسؤولية في الفترات العادية، وتكون على قدر أكبر منها في فترات غير عادية واقتصادية، خصوصاً في مثل الفترة الزمنية التي نعيشها.
على حسابها في «تويتر» غردت شركة أرامكو قائلة: «لا علاقة للشركة بما نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول توظيف أجانب من جنسية محددة. ومن قام بالنشر ليس من موظفي أرامكو_السعودية».
جاء هذا تعليقاً على اهتمام المتابعين في «تويتر» بإعلان يطلب فيه ناشره موظفين لـ«أرامكو» من جنسية محددة، غير سعودية بالطبع. والشركة نفت العلاقة بالإعلان وصاحبه، لكنها في المضمون نفت العلاقة بالقضية، على رغم أنها تمس صورتها وحققت ضرراً بالغاً لها لدى الرأي العام، خصوصاً في ظروف «وظائفية» صعبة. وتم تداول معلومات لا نعلم مدى دقتها، بأن صاحب الإعلان موظف في أرامكو أو متعاقد معها «لتوريد» موظفين. وفي كل الأحوال رد فعل أرامكو لا يختلف عن الرد الآلي المخزن في ذاكرة آلية، وحينما تستخدم مقاول أنفار فمِن المألوف أن يختار «الأنفار» بحسب مصلحته هو.
إن الأمر الطبيعي والسهل المتيسر أن تعلن «أرامكو» حرصها على الحفاظ على صورتها، وتعلي من شأن اهتمامها بالرأي العام، بملاحقة صاحب الإعلان، ألم تنفِ علاقتها به وبالإعلان؟ فكيف إذاً تسمح له أو لغيره بأن يستخدم اسمها؟ لكنها لم تفعل ذلك، بل اكتفت بتلك التغريدة اليتيمة في هرب إلى الأمام! وإذا لم تستدرك إدارة الشركة القضية وتعلن إجراءات قانونية بشفافية ضد الإعلان وصاحبه فهي في واقع الأمر تؤكد ما ذهب إليه كثير من المغردين في «تويتر»، من أن الإعلان صحيح! بعض القضايا مهما بدت صغيرة في عين إدارة منشأة ما فإن من الحكمة التعامل معها بحسب الواقع الذي ظهرت فيه، لأن هذا الواقع هو ما يجعل منها قضية أكبر، ويحدث ضرراً أشد في الصدقية والثقة بإدارة المنشأة بمستوياتها المختلفة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.