ضعف في الإعلام والترجمة

في الصراع الإقليمي الطويل مع إيران الصفوية كان هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به مبكراً، وعلى مختلف الصعد ولم يحدث ذلك وإن حدث – ولم نعلم عنه – فهو ضعيف بدليل النتائج، فالعداء الصفوي الإيراني المتلبس بالطائفية معلن في العقيدة الخمينية وتصدير الثورة ضد العرب وضد السنّة، وتمت تربية المواطن الإيراني علي هذه العقيدة وتجييشه واستغلال المناسبات لإعادة الشحن داخل الحاضنات الطائفية في البلدان العربية والإسلامية.
سأركز على جانب واحد وهو المعلومات الإعلامية عن ومن إيران، فهي في الحقيقة منذ زمن بعيد شحيحة وضعيفة وتُستقى غالبيتها من الإعلام الغربي الذي يصنع ما يريد بالصياغة التي تناسب أهدافه، وهي أهداف لا تتطابق مع المصالح الخليجية والعربية، بل ثبت أنها منحازة وصورها معلنة الآن في تغطيات قنوات فضائية ومواقع وصحف لما يحصل في العراق واليمن وسورية.
كما يقف عائق اللغة الفارسية لمصلحة النظام الإيراني كحائط أمام الإعلام العربي الموجه أساساً إلى الداخل والمحلي، فلم يتم بناء أقسام مختصّة للترجمة والمتابعة، كما أن اختيار المراسلين المناسبين كان بالغ السوء بدليل انقلاب أكثرهم بعد استغلالهم مواقعَهم داخل فضائيات عربية أو صحف، وفي عائق اللغة الفارسية تقوم آلة النظام الإيراني الإعلامية باستخدام الكثير من المعرفات في وسائل التواصل لاستثماره لمصلحتها والتشويش على معارضي النظام وضحاياه.
هذا عن المعلومات السيارة اليومية، لكن هناك ما هو أعمق من ذلك، وهو ترجمة الكتب المهمة التي تصدر بالفارسية تحديداً، خصوصاً ما يكتبه إيرانيون عن أحوال إيران السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من النادر أن ترى ترجمة عربية لمثل هذه الكتب، فلا دور النشر التجارية قامت بذلك، ولا الأجهزة الرسمية محلية وخليجية، كمجلس التعاون الخليجي وأمانته التي يفترض
أن هذا من صميم مهماتها.
ومع البؤس المهني الذي يعاني منه الإعلام العربي المائع في ترتيب الألويات والخليجي الذي انصرف إلى الترفيه والزينة مع اعتماد على الغير، لم يتوافر ضخ إعلامي معلوماتي له تلك القيمة لنشر الوعي بالواقع داخل إيران. في حين شيدت إيران قواعد إعلامية عقدية تحكمها ميليشيات حزبية طائفية، ولو تتبعت حجم الشبكة الإعلامية بمختلف أدواتها وعناصرها لحزب الشيطان في لبنان على سبيل المثل لتبين لديك حجم العمل الدؤوب منذ سنوات طويلة استعداداً، ويدخل ضمن ذلك تدريب الإعلاميين واستثمار «الرخاوة» والغفلة – إن شئت إحسان الظن – التي طبعت وما زالت إدارات وسياسات الكثير من وسائل الإعلام الخليجية خصوصاً، للنفاذ إلى هذه الوسائل واستغلال إمكاناتها وحضورها الإعلامي، وتوجيهه لمسارات تصب لمصلحة نظام خامنئي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.