قضية ملهمة.. من يعتلي قائمة الهدافين؟

أجد في قضية الشاب المتهم باختراق موقع صندوق الموارد البشرية (هدف) لعشرات الآلاف من المرات والاستيلاء على 13 مليون ريال دلالات مهمة وعميقة، وينبغي في البداية شكر الصحافي فهد الجهني من صحيفة «الوطن» على متابعته القضية، وكشف المزيد عن تفاصيلها المبهرة بلا حدود. في خبر المتابعة له – نُشر أمس – ذكر «أن هيئة التحقيق والادعاء بمنطقة القصيم سجلت ملاحظات عدة على النظام الإلكتروني لصندوق تنمية المواد البشرية (هدف)، وأنه بعد تكرار اختراق الشاب للموقع وتسجيله 35 منشأة وهمية تلقى الشكر من موقع الصندوق! وأكدت (الهيئة) أن النظام يعاني من ثغرات أمنية في توثيق الخطوات لمستخدميه، فضلاً على سهولة التلاعب بالبيانات والمعلومات المخزنة، ونقلها من صفحة إلى أخرى»!
قام الشاب – في حقيقة الأمر – بتشخيص دقيق لواقع الحال، من خلال تجربة عملية ومن خارج «النظام» الحكومي، بإنشاء شركات وهمية والحصول على أموال غير مشروعة ثم تلقى خطاب شكر، وكانت شركات في بداية السعودة تفعل الشيء نفسه من أيام تصوير بطاقات الأحوال واستغلالها قبل «هدف» وبعد الهدف.
وحتى لو كان خطاب الشكر «آلياً» ففيه رمزية لكثير من خطابات الشكر والإشادة وتصريحات إعلامية لا تخرج عن الآلية، وإن نطق بها بشر! فهذه المنشآت الوهمية الـ35 ربما تجدها في قائمة الإنجازات من حيث العدد، لتستحلب جوائز وهمية هي الأخرى، ومبلغ الـ13 مليوناً ربما في قائمة المصروفات على السعودة «لتنمية الموارد البشرية الوطنية» المعطاءة!
والخلاصة أنه يمكن من خلال مشروع أو مشاريع وهمية الحصول على أموال وفوقها شكر. وحينما حذرنا من السعودة الوهمية حاولت وزارة العمل التخفيف من «المصطلح» باللف والدوران حوله، وأثبت لنا هذا الشاب أن الشق هو الأصل لا الاستثناء. والأسئلة تتقافز أكثر من قفزات قطعان حيوانات الكنغر في أستراليا! فهل لظهور هذه القضية على السطح لتصل إلى «التحقيق والقضاء» علاقة بتغيرات أخيرة في إدارة صندوق «هدف» أم لا؟ هذا مما لا نعلمه، وهو كثير بل الأكثر! وهل سيحاسب من أنشأ وأدار «النظام الإلكتروني لصندوق «هدف»؟ وإذا كان هذا حدث من خارج النظام ومن فرد شاب فماذا يُتوقع حدوثه من خارج النظام من شركات لديها قدرات فنية أقوى؟ وماذا عن مثيلاته يُحتَمَل حدوثها من داخل النظام نفسه؟ بل كم لدينا من «أهداف» يتم تسجيلها الآن في مرمانا؟ ولو كان لي من الأمر شيء لتعاملت مع الشاب بصورة مختلفة، فمع أخذ الإجراءات القانونية ضده وتثبيتها يجب احتضانه وإيقاف تنفيذ ما قد يصدر بحقه ليستثمر لإعادة التهيئة الإيجابية، وهو في حقيقة الأمر بحاجة إلى التبني، لكن لا جهة عندنا لديها التبني البناء، فهو من حيث لا يدري أهدى لوزارة العمل وللحكومة ككل جزءاً من عيوبها التي لا تريد الاعتراف بها، وتصر على عدم معالجتها جذرياً!

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.