لماذا نشرت صورة رجل الأمن؟

إشهار صور وأسماء رجال الأمن الذين يواجهون الإرهابيين هل هو أمر مناسب ولا ضرر منه أم خطأ غير مغتفر وفيه خطورة عليهم وعلى الأمن نفسه؟
طرح هذا السؤال بصوت خافت بعدما تسيّدت صور ومقاطع المواجهة الأمنية، وسط الاحتفاء الكبير بشجاعة رجال الأمن في مواجهة إرهابيين بحي الياسمين شمال العاصمة الرياض.
تمت تصفية الإرهابيين بعد رفضهما الاستسلام في عملية أمنية استباقية، استطاع رجال الأمن إجهاض مكائد الإرهاب وإفشالها، منع الإرهاب قبل وقوعه، واستئصال أدواته من دون إصابات، وسط حي سكني وبجوار مسجد تقام فيه الصلاة، ولا شك في أن هذه العملية، وهي ليست الأولى من نوعها، مما يبعث على الفخر والارتياح. والشجاعة والأقدام حاضران بقوة طوال المواجهة الطويلة مع الإرهابيين، وهو مما يحسب لرجال الأمن ولأجهزة البحث والتحري، التي تجمع المعلومات وترصد التحركات.
لكن كيف نستطيع الوفاء بحقوق رجال الأمن بالتقدير والتأييد، من دون أن يتحقق من ذلك احتمال ضرر جسيم يلوح في الأفق؟ كيف يمكن لبعض منّا أن يقدم معلومات مهمة ودقيقة لمن يتربص ويحيك المكائد لنا ولرجال أمننا؟ كيف ننسى أنه تم ترصُّد واغتيال بعض من رجال الأمن؟ كيف ننسى أنهم الصفوف الأولى التي يخطط لاستهدافها؟ ويكفي لانعاش الذاكرة أنه خلال 16 عاماً تعرّضت السعودية إلى 128 عملية إرهابية، نتجت عنها وفاة وإصابة 1147 رجل أمن ومواطناً ومقيماً.
ولأن رجال مكافحة الإرهاب ورجال مكافحة المخدرات يواجهون عصابات لها هيكل تنظيمي وتشابك علاقات داخلية وخارجية وخلايا نائمة ومنزوية تعمل وفق خطط طويلة، ولها مغذياتها الفكرية أو المصلحية في حالة تهريب المخدارت، لا تبرز صورهم عند أخبار المداهمات والقبض، وحتى في مقاطع التدريبات لا تظهر صورهم إلا بأقنعة.
ولا أعلم هل تمَّ نشر صور رجال الأمن في عملية حي الياسمين بالصدفة المحضة ونتيجة لاجتهاد شخصي دافعه الحماسة أم غير ذلك، لكن ما يمكن تأكيده أن نشر صورهم وأسمائهم خطر عليهم وعلى الأمن، لأن المواجهة مع الإرهاب مستمرة، وهو يتلوّن ويغيّر لباسه بين مرحلة وأخرى، وعلاقاته باستخبارات خارجية لم تعد سراً، والاستهداف للوطن حاضر في هذه المرحلة أكثر من غيرها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.