البناء شخصي

أتوقف أمام هذه العبارة في إعلانات بيع الفلل والوحدات السكنية، نجدها على لوحات منتشرة، فمع ذكر المساحة والموقع يُكتب بحروف أكبر وأحياناً باللون الأحمر «بناء شخصي»، والإشارة يُقصد بها أن الاهتمام بتفاصيل تشييد الوحدة السكنية تم من صاحبها وكأنها له شخصياً، وهي تشير بصورة غير مباشرة إلى أنه إذا لم يكن البناء شخصياً فهو تجاري، وكلمة «تجاري» مدموغة شعبياً «بتمشية الحال»، فيمكن في حالته السيئة أن يصاب بالتصدع والانهيار، أما في حالته المتوسطة فهو سيحتاج إلى صيانة مستمرة بعد فترة قصيرة من سكنه وربما تشييده.
طبعاً لا يمكن التأكد من أن الشخصي هو شخصي فعلاً، فهو كلام يُقال، وعبارة تكتب، والعلم عند الله تعالى.
وشاهدت مثل بعضكم العديد من المقاطع التي تصوّر سوء حالة وحدات سكنية اشتراها المواطن وهو لا يعلم خوافي ما فعل المقاول والمهندس المشرف إذا كان هناك مهندس لا «مندس» في هذه المهنة الشريفة، وأخيراً شاهدت مقطعاً، يبدو من مدينة جدة، عن عمارة سكنية أخرج الدفاع المدني ساكنيها خوفاً عليهم من انهيارها، وقال الشاب الذي صوّر المقطع إن البنايات في الحي التي ظهرت بسرعة، لا تختلف كثيراً عن تلك المدعمة بقوائم حديدية حتى لا تسقط، وهو مع أسرته «الله يستر عليهم» يسكن في واحدة منها، ثم تحدث عن الأمانة المفقودة، التي لم نجدها إلا على يافطات دوائر حكومية!
وفي حوار مع وزير الإسكان ماجد الحقيل في برنامج «مال ثينك تانك»، طرحت أسئلة حول هذا، فالحقوق هنا ضائعة، ولا يعرف المتضرر أين يذهب، وطريق المحاكم طويل، وأعتقد أن وزارة الإسكان بعد هذه المدة أصبحت معنية بأن تكون المرجعية الوحيدة للتأكد من صلاحية تشييد الوحدات السكنية، ومدى كفاءتها هندسياً في الأساسيات من خرسانة وتمديدات، بحيث تستقبل شكاوى المتضررين، وتُلزم المقاول أو صاحب المؤسسة بالإصلاح أو التعويض.
فما حدث ويحدث من إنشاءات مهترئة قصيرة العمر، إضافة إلى خطره على السلامة، هو أيضاً هدر وغمط للحقوق، وضياع مدخرات، وسقوط في هاوية الديون، وحتى الآن من غير الواضح مرجعية هذه الخلافات، ويفترض أن تبادر وزارة الإسكان بتولي ذلك والإعلان عنه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.