السلوك الاستهلاكي

هناك موجة رسمية تستهدف تصحيح السلوك الاستهلاكي في المجتمعات الخليجية، إنما هل هي عنوان فقط لتمرير وامتصاص ردود الفعل، بسبب رفع الرسوم على الضروريات، والأعباء الثقيلة التي سيتحملها المواطن، أم أنها خطوة جادة فعلية؟
بدايةً، من المتفق عليه أن هناك خللاً في السلوك الاستهلاكي في السعودية، على سبيل المثال؛ نسبة القروض الاستهلاكية مرتفعة جداً، وهذا واقع معروف منذ سنوات طويلة، ويُنتقد من الكتّاب في الصحف، مقابل صمت رسمي، والادخار في أقل مستوياته، إن لم يكن صفراً، لكن المؤكد أن هذا السلوك هو لجزء من المجتمع، لا نعلم نسبته من المجموع، ولا أستطيع أن أقول إنه 60 في المئة، مع أن هذه النسبة هي الأكثر تداولاً في كل شأن؛ من الإرهاب الى الكباب!
إلا أن هذا «الجزء» غلب على الصورة العامة، حتى وصم المجتمع كله بالسلوك الاستهلاكي، مع أن في المجتمع مستويات لا تمارس هذا السلوك، سواء مع توفر القدرة أم عدم توفرها، وإذا قمنا بمزيد من تدقيق النظر فلا بد أن نتساءل عمّن حول المجتمع، أو هذا الجزء أو رغّبه في هذا السلوك؟ الإفراط في السماح للقطاع التجاري بضخ المغريات الاستهلاكية، وقتال المصارف وشركات التقسيط في حملاتها الإعلانية، وربط مكافآت موظفيها بمقدار عدد «الرؤوس» التي تم إقناعها لسحبها إلى قائمة مديونياتها!
ما سبق لن يناقش مع دوره الرئيس في العلة، الرد الجاهز؛ لم يجبرك أحد على ذلك!
نمت جذور السلوك الاستهلاكي حتى تحولت إلى أشجار ضخمة، لأن الحكومات لم تفعل المطلوب في وقته، فهي شريكة في ترسخ هذا السلوك، بل إن الخطاب الرسمي الحكومي في بياناته وأخباره كان مفرطاً في دغدغة المشاعر بالعيش المرفه، من الاقتصاد المتين إلى الحرص على ذكر الأرقام المالية الضخمة بمثابة دليل على نيات الإنجاز، من دون حساب ومحاسبة للنتائج، هذه الشراكة في التوجيه إلى السلوك الاستهلاكي تستلزم الروية والمرحلية في تعويد المجتمع على التغيير، ليبقى المجتمع سليماً، أو في الحد الأدنى، أقل تضرراً. ثم لماذا لا تقدم الحكومة القدوة في الترشيد؟ فالمتداول عن المصروف على عقود الاستشارات ورواتب موظفيها لا ينسجم مع خطاب الحكومة الحاض على الترشيد.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.