النخلة القرعاء!

تقدم بعض المقاطع المصورة المحلية المتداولة على «الواتساب» تشخيصاً لواقع الحال، صورة ملونة تجمع بين المضحك والمبكي لتخبر عن الدقائق والتفاصيل، بما فيها عينات من التطور المتسارع الذي قد لا يراه كثيرون منا بما يحمله من تغييرات اجتماعية عميقة، على رغم أن جزء منه يؤثر فينا، بل ويستخدمنا. في هذه المقالة لن أركز على المقاطع المصطنعة بل على تلك التي تخبر عن تجربة ما، ربما تكشف مشاهدها الصغيرة المشهد الكبير.
هناك مقطعان لفتا نظري في موضوعين مختلفين، لكن بنتائج متطابقة فتاكة! الأول عن مواطن طلب من سباك، أو من اعتقد أنه سباك، أن يصلح تهريب ماسورة داخل سور منزله، بما يعني هذا تكسير البلاط، السباك الهمام قام بتكسير كل البلاط، جالت كاميرا الجوال فلم يترك بلاطة واحدة، ولم يظهر السباك في المشهد، لكن لو توافرت لديه آلة إعلامية، لربما استمتعنا بتقريره عن الإنجازات التي حققها، لنعتبر هذا قطاع التشييد والبناء والمياه.
المقطع الثاني لمواطن آخر يصوّره قريب أو صديق له، وهو يعلق ساخراً، المواطن أحضر عاملاً يفترض أنه مزارع، وطلب منه تكريب النخلة وتنظيفها، وهو ما يعني في المفترض قطع العسبان الجافة وتهذيبها. العامل الهمام جرّد النخلة تماماً، حتى أصبحت قرعاء، جذع نخلة منتصباً، ذكّرني بقصات بعض الشباب التي روّجت لها رؤوس لاعبين أجانب ومحليين حتى تحوّل الرأس إلى لوحة تكعيبية. تحولت النخلة إلى عمود يصلح لمد الأسلاك، فيما تحول حوش المواطن الأول إلى حقل محروث.
العامل المشترك في كلا المقطعين، أن المواطن أوكل العمل لعامل لا يعرف مدى كفاءته، ربما نصحه به صديق يصنفه مستشاراً له، ثم «راح» أي ذهب ومضى إلى شغل أو ارتباط آخر، ليعود في وقت متأخر منتظراً الإنجاز ليصعق بالمفاجأة.
في مخيلة الكاتب وضعت الاستشاري محل العامل، والوزارة أو الهيئة محل المواطن صاحب النخلة القرعاء، والآخر صاحب السور المحروث، ثم ابتعدت الكاميرا بهدوء، لتبرز المشهد بكل تفاصيله.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.