العقوبات المفيدة!

العمل أربع ساعات يومياً مدة ثلاثة أشهر في تنظيف حديقة الحيوانات، هي العقوبة التي أصدر الشيخ محمد بن راشد، حاكم أمارة دبي، قراراً بها على ثلاثة أشخاص قاموا بتعذيب قطة في مقطع نشر في وسائل التواصل.
الواقعة والقرار أعادا إلى الذاكرة محاولات قضاة لدينا في السعودية إصدار أحكام قضائية بديلة للعقوبات التقليدية، أي السجن والجلد أو الغرامة، وهي أحكام قليلة جداً، حتى أننا لا نكاد نتذكرها، لمعت هذه الأحكام النادرة مثل وميض البرق ثم اختفت لحظة تفاؤلنا بها. وليس هناك حاجة إلى شرح أو بيان أهمية العقوبات البديلة. الإيجابيات هنا متعددة في جرائم ومخالفات متنوعة تكثر من الشباب بخاصة، مع خطورة زجهم في السجون، وربما تتحول السجون حتى لو أطلق عليها إصلاحيات إلى مواقع يتعلمون فيها من سجناء آخرين جرائم أكبر وأخطر.
ولا نعلم أسباب عدم التوسع في العقوبات البديلة لدينا مع أن تنوع الجرائم مع ظاهرة نشرها والاستعراض ببعض منها في وسائل التواصل يتزايد بوتيرة سريعة. فممارسو الصيد الجائر يمكن أن ينظفوا كيلومترات من الصحارى مع خدمة الحيوانات في حدائقها. وقاطعو الأشجار يقومون مع النظافة بزرع وحماية عدد أكبر من الأشجار وتقليم أشجار المدن بإشراف البلديات طبعاً مع الغرامات، وكل هذا يحتاج إلى إدارة ذكية ومراقبة دقيقة لتنفيذ هذه العقوبات التي يؤمل بأن تؤدي إلى إصلاح المحكوم عليهم وتحويل طاقاتهم إلى إيجابية.
إن أعداد المفحطين لدينا من الكثرة بما يكفي لخدمة مصابي الحوادث وبعضهم من ضحاياهم، ويمكن لعدد من المختصين وضع قائمة بالعقوبات البديلة لكل نوع من هذه الممارسات والجرائم، لحفظ المجتمع وأفراده والمساهمة فعلياً بإصلاح المنحرفين.
تنظيف حديقة الحيوانات لم تكن عقوبة رمزية، فالمدة طويلة، وستعيد إحساس هؤلاء بالحيوانات إذا كانت لديهم بقية من الإحساس، والحيوانات ستتفرج وربما تقوم القرود بالسخرية منهم، وكأني اسمع ببغاء في الحديقة يقلد مواء القطة!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.