مشعل ومقطع المستشفى

بحسب وسائل التواصل، فإن المستشفى الذي صور مقطعاً عنه الشاب مشعل، وهو يبحث عن وظيفة ويتجادل مع مسؤول لبناني فيه، رفع قضية على الشاب، والمعلومات أن وزارة العمل خالفت المستشفى وألزمته بدفع غرامة على مخالفة تعتبر من حيث مبلغها المالي رمزية وبسيطة، وتعيد فتح باب «هل الغرامات تردع عن استمرار المخالفات».
والنتيجة أن وزارة العمل «كسبت» مبلغاً زهيداً من المال، وأصبح الشاب أمام قضية رفعت ضده، ولا يتوقع أن تقف وزارة العمل معه، لأن المسألة ستخضع لنوع القضية المرفوعة.
ولو كنت من أصحاب المستشفى لكسبت الرأي العام و«السوق» وتنازلت عن القضية، يمكنه إصدار بيان يوضح فيه الضرر الذي يرى أنه وقع عليه وعلى منشأته، وهو لو اتخذ هذه الخطوة لحقق فائدة أكبر بكثير من مواصلة القضية ضد الشاب، التي ستلتصق باسم المستشفى. تدفع المنشآت التجارية أموالاً طائلة لتحسين صورتها وإعلان ما تقدمه من سلع أو خدمات، وتضع هذا في مقدمة أهدافها، تنشئ إدارات وتوظف لهذا الغرض، وتأتي أحياناً فرص قد تبدو سلبية في بداياتها، لكن يمكن تحويلها إلى إيجابية.
كان لدى الشاب مشعل خيار آخر، حين صور المقطع، وهو أن يرسله بمثابة بلاغ إلى وزارة العمل، من دون نشره في وسائل التواصل كي لا يحسب ضمن فقرة التشهير الواردة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لكن المشكلة أن الشاب وغيره من المواطنين لم يعتادوا تجاوباً سريعاً من الأجهزة الحكومية، بل إن هذه الأجهزة، على اختلافها، عودت المواطنين على الاهتمام السريع بالقضايا التي تنشر عنها مقاطع مصورة لتتحول إلى قضية رأي عام.
هذا الواقع الحكومي، مع سهولة التصوير والنشر في وسائل التواصل، و«فش الخلق» أسهم في فتح الأبواب واستسهال نشر المقاطع من دون الحذر من التبعات. بقيت نقطة جوهرية توجه للأجهزة الحكومية ولرجال الأعمال؛ وهي ضرورة الوعي بحساسية المرحلة، والتعامل معها بظروفها الضاغطة، سعياً لتخفيف الاحتقان والإحباط، فالحكومة عليها أن تفصل في النظام وتحدد التشهير في شكل غير قابل للتأويل، وتحمي المبلغين. وملاك القطاع الخاص في الغالب هم مواطنون يجب ألّا ينسوا أن المواطن هو في النهاية «زبونهم» الأهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.