عروس من دون ناموس

من العجيب أن بعض الظواهر السلبية أو المشكلات والقضايا تتزايد عند بدء الإعلان عن مكافحتها، أفضل مثال على ذلك مرض حمى الضنك المتركزة في جدة وربما تكون منتشرة في غيرها، وأصبح من المعتاد في بلادنا عدم طرح أسئلة الأمس، والاكتفاء بطرح أحلام الغد، فلا خبر رسمياً عن الملايين، أو هي بلايين ثمانية من الريالات أعلن عنها في عام 2006 لمكافحة حمى الضنك في جدة، لكن من يعرف لغة البعوض ليسأله!؟ أعتقد أننا لو توصلنا إلى التحدث مع بعوضة من بعوض حمى الضنك لأخبرتنا عن حقيقة المكافحة تلك السنين كيف كانت؟ وهل لا تزال بالأسلوب والسياسة ذاتهما… والرش! ربما هي – أي البعوضة- بطنينها تحاول إبلاغنا بما لديها من معلومات، لكننا لا نفهم ما تطنُّ به.
«عروس بدون ناموس» هو شعار حملة مكافحة بعوض حمى الضنك في جدة 2017، والعروس هي جدة، والعريس هو البحر الأحمر، ولا تسأل عن العلاقة بين العروس والعريس، فهي علاقة غامضة يشوبها كثير من التوتر، ومع أن الزواج قديم قدم التاريخ، إلا أنها احتفظت بلقب العروس، أهملت صحة المفاصل، وتشببت بالكثير من المساحيق لتتوَّج بلقب «جدة غير».
حمى الضنك هي – بحسب منظمة الصحة العالمية – عدوى فايروسية «تؤدي إلى مرض شبيه بالأنفلونزا، ويتفاقم أحياناً ليغدو مرضاً قاتلاً محتملاً يُطلق عليه اسم حمى الضنك الوخيمة»، وبعوضة «الزاعجة المصرية» الناقل الرئيسي لها. وهي تتكاثر في المياه العذبة، وليس كما يعتقد للوهلة الأولى مثل البعوض الآخر «أبونعيلة» الذي يتكاثر في المستنقعات، فهي صنف خاص بقدرات على الامتصاص.
وفي المكافحة للسكان دور كبير للقضاء على هذه البعوضة المترفة، لأنها حازت على إسكان – بدون قروض أو فوائد مرتفعة – في أوعية أو مواقع مكشوفة متوافرة في منازلهم أو حولها، ومن ذلك المياه المتسربة من المكيفات، وخزانات المياه المكشوفة. أتمنى لحملة العروس النجاح والتفاعل الإيجابي من السكان، لتتمكن من القضاء على هذا البعوض، مع أنه بودي أن يتم الإبقاء على بعوضة واحدة إن أمكن، لنضعها في قفص زجاجي إلى حين تعلمنا لغة البعوض فنطرح عليها السؤال القديم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.