حال الالتباس

وُضعت المنطقة العربية في حال التباس سياسي معقد، منذ ما سُمّي زوراً الحرب على الإرهاب، مع أنها في الحقيقة الحرب بالإرهاب، إلى غزو العراق، ثم اندلاع ثورات الربيع العربي التي قال الكثير من المراقبين في بدايتها إنه لا قادة «ظاهرين» على السطح لها، بل وسائل تواصل وفضائيات وجموع وحشود تُسَيَّر وتُحَرَّك بالضبط النائي، ولاحقاً ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي بشعاراته المزيفة والمخاتلة، وقيامه بكل ما من شأنه تشويه صورة المسلمين السُنّة، خصوصاً في البلاد التي يراد إفراغها منهم قتلاً وتهجيراً. ونتجت من ذلك انشقاقات فكرية وتشظٍ سياسي في عقلية المجتمعات إلى الأفراد في المجتمع الواحد، وهو ما يشكل تتويجاً لوعد دونالد رامسفيلد بالحروب الفكرية.
حال الالتباس هذه أنتجت من ضمن ما أنتجت موجات من المرتزقة في الإعلام والسياسة، تزايدت أعدادهم بعد هطول الأمطار الحمضية على الأراضي العربية. ويبدو أن الطلب على هذه الفئة بدلاً من أن ينحسر مع انحسار نجم الربيع العربي وخفوته، وتأكد الغالبية من أنه حريق متأجج مع مشاهد الدمار والتهجير واللجوء للملايين من العرب الذي خلفه، إلى تزايد كما يشير الواقع، خصوصاً مع قدرات المرتزقة على التحول السريع من النقيض إلى النقيض خلال فترة قصيرة نسبياً، على رغم كتاباتهم أو حواراتهم التي تحتفظ الشبكة العنكبوتية بسجلات لها، وصار التلون العجيب لهذه المجموعات ميزة واحترافاً في سوق تلفها ألوان الاضطراب في المنطقة.
لقد نجحت حرب الأفكار نجاحاً كبيراً، وحال الالتباس فعلت فعلها، وأسهمت الشبكة العنكبوتية في ذلك، ولم يعد العرب سوى طرائد التفت خيوط شبكة العنكبوت اللزجة والمتلوية على رقابهم!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على حال الالتباس

  1. عبدالعزيز الهزاني كتب:

    يا سيدي العزيز..
    الفراغ الفكري.. والثقافي..والسخافة الاعلامية الهشة…,والتعليم ؟هي ما حفزت (بل أنشأت) هبوب هذه الاحماض.وربما هناك أمور لم تتطرق اليها ؟ من نتاج هذه الاحماض الخبيثة.!
    وربما لم “نعي بعد” الي اين.!

    والله يستر ويلطف بنا ويحفظ بلدنا من كل شر.

التعليقات مغلقة.