ثغرات في مواجهة الإرهاب

حتى الآن لا أرى أننا ركزنا بما فيه الكفاية على الأسباب التي تجعل شباباً من مجتمعاتنا العربية يسهل جذبهم للمجموعات الإرهابية. صحيح أن هناك جهوداً بذلت وتبذل، إلا أن النتائج ليست كما يجب، بدليل ظهور «داعش»، واستقطابه الكثير من الشباب عرباً ومسلمين، وقدرته على الاختراق الفكري والعملياتي بجرائم إرهابية، طاولنا في السعودية بعضاً منها، ولم تسلم عدد من الدول العربية منها.
والخطر يأتي على مستويين، الأول من هذه المجموعات نفسها، والثاني من استخدامها من استخبارات دول معادية، والأخير انكشف بشكل صريح بعد ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، وتصعيده إعلامياً من الإعلام الغربي، فهو بلا شك صنيعة استخباراتية، لكن كيف انطلت هذه اللعبة القذرة على شباب، لينضموا إليه ويدافعوا عنه ويقتلوا أقرباء لهم، جراء تعليماته قادته؟!
لا شك في أن للأحوال السياسية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية في الدول العربية دوراً في تعبيد ذلك الدرب، إلا أنها لوحدها غير كافية في تقديري، باعتبارها مسببات، وهذا لا يقلل من أهميتها.
كان شعار «القاعدة»: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب»، ثم اختفى هذا الشعار مع انحسار تنظيم «القاعدة» وتلاشى وهجه عملياً وإعلامياً بعد مقتل ابن لادن، في حين اتخذ تنظيم «داعش» الإرهابي – «أو تنظيم الدولة الإسلامية» كما تصر بعض القنوات الفضائية» – نهجاً مختلفاً، مداعبة لحلم دولة الخلافة، ولم يكن مصادفة استخدام الرموز التي تستدعي صوراً من تاريخنا الإسلامي، الختم والراية ولا لباس البغدادي في خطبته الوحيدة، ولا خطاب الدعاية الممنهج.
إن صفحات المجد الإسلامي تاريخياً لا شك في أنها تداعب خيال الكثيرين منا، وهي مستوطنة في القلوب والعقول، ومن منا لا يريد لأمتنا العربية والإسلامية أن تكون في صدارة الأمم؟
استدعاء الصفحات الذهبية للمجد التليد ومقارنته بواقع مزرٍ من أخطر الأسلحة، فمن خلاله تم استغلال وتوظيف العاطفة لأهداف هي ضد ما يتمنى أصحاب هذه العاطفة أو الكثير منهم على الأقل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.