التخفي الإيراني ينجح

إذا عرف السبب بطل العجب. في مقالي السابق عن الخطر الفارسي الصفوي أوضحت أن مشكلة دول الخليج والعرب عموماً تكمن في عدم الاتفاق على أولوية الخطر القادم من طهران وقم، لذلك لم أستغرب كثيراً من أن دول مجلس التعاون الخليجي – وهي المعنية أكثر من غيرها في العالم العربي بهذا الملف – لم تجمع على دعم الكويت في الإجراءات التي اتخذتها ضد السفارة الإيرانية.
الكويت وبعد اتضاح الدور الإيراني في خلية «العبدلي» الإرهابية طلبت من السفارة الإيرانية تقليص عدد الموظفين، وإقفال المكاتب الفنية، وجمدت اللجان المشتركة، هذه الإجراءات لم أقرأ لها دعماً معلناً في بيان رسمي، سوى من بيان صريح من وزارة الخارجية السعودية، وتصريح آخر مؤيد من سفير البحرين لدى الكويت!
ما عدا ذلك لم أطلع، على رغم أن القضية خطيرة وتمس استقرار وأمن دولة عضو في مجلس التعاون، بل ووسيط في أهم أزمة تمر بها العلاقات بين دول أعضاء في المجلس!
الكويت لم تكتفِ بالإجراءات ضد البعثة الإيرانية، بل أرسلت سفارتها في بيروت خطاب احتجاج إلى الخارجية اللبنانية، نص فيه على: «ثبوت مشاركة ومساهمة «حزب الله» اللبناني في «التخابر وتنسيق الاجتماعات ودفع الأموال وتوفير الأسلحة والتدريب على استخدامها داخل الأراضي اللبنانية، بقصد هدم النظم الأساسية في دولة الكويت…، ودعت الحكومة اللبنانية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع مثل هذه الممارسات المشينة من قبل حزب الله اللبناني، باعتباره مكوناً من مكونات الحكومة اللبنانية».
طبعاً لبنان دولة مختطفة، ولا يتوقع أن تفعل شيئاً. فهي دولة مجوفة يديرها «حزب الله»، واضعاً في الواجهة أسماء سياسيين من مكونات أخرى، ليس لهم إلا الحضور في وسائل التواصل الإعلامي.

والحقيقة أنه إذا أرادت دول الخليج مواجهة الهجمة الإيرانية الشرسة فيجب أن تضع أسلوب التخفي الذي تجيده طهران في حسبانها، فهي استطاعت أن تتخفى خلف دول مجوفة أو أحزاب وجماعات، ونشاطات تجارية أو ثقافية و«خيرية»، ولكل منها مفعولة الخطر، لأن طهران من خلال هذا الأسلوب والاستخدام موجودة، حتى لو قلصت بعثتها أو قطعت العلاقة السياسية معها من دون بتر الأطراف الأخرى.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.