التوطين وما وراء البقالات

ينام عامل البقالة أو التموينات تحت الطاولة، ويعمل معه في الغالب من اثنين إلى ثلاثة من أقربائه أو بلده، وهو أيضاً يتناول طعامه فيها أو باتفاق شهري مع مطعم قريب يدار من الجنسية نفسها، وإلى وقت غير بعيد كانت البقالة تفتح أبوابها إلى ما بعد منتصف الليل بحسب رغبة العمال، يضاف إلى هذا الواقع أن شبكة التوزيع التي توفّر السلع اليومية والأسبوعية تدار بحسب الجنسية التي تسيطر عليها، وأذكر أن بعض المواطنين الذين افتتحوا بقالات في زمن مضى كانوا يشتكون من عدم توصيل كثير من السلع إليهم، وخصوصاً من شركات تتجول سياراتها في الأحياء، الأمر نفسه أيضاً انطبق على من حاول فتح محال غيار زيوت.
خلف هذه الواجهات هناك شبكات لوجستية تنتهي بتجار الجملة، تستطيع إفشال أو إنجاح محل صغير، لذلك فإن النجاح في توطين «قطاع» لا بد أن يدرس بعناية وشمولية، للتأكد من قدرته على الاستمرارية، حتى لا تزداد خيبات الأمل، وليس فقط بالتركيز على الواجهات لهذا القطاع أو بالعدد المتوفّر منها باعتبارها فرص عمل.
ثم إن أمام وزارة العمل أكثر من تجربة تمت منذ سنوات قليلة حققت فشلاً ذريعاً، إذ قامت بعض الشركات باستغلال حاجة شباب للعمل والحصول على دخل لفتح فروع باستخدام اسمها، مع احتكار البضائع التي يسوِّقونها، انتهت بقضايا في المحاكم، وفي واحدة من هذه التجارب كانت وزارة الشؤون الاجتماعية قبل الدمج طرفاً فيها، إذ دعمت من خلال صندوق «الفقر سابقاً» افتتاح فروع صغيرة «بقالات» بالاتفاق مع إحدى شركات الأسواق المركزية الكبيرة، والنتيجة أن الشباب الذين انخرطوا في هذه «التجربة» تورَّطوا وأقفلت هذه المحال، ولم يستفد منها سوى شركة الأسواق المركزية، في حين تزينت وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك بأخبار «الإنجازات» الوهمية.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.