شجرة لا تورتة!

حتى هذه اللحظة وعلى رغم انتشار الظاهرة المستوردة لم أستطع استيعاب أن يضع الواحد منا اسماً لمن يحب أو صورة له على تورتة أو كيكة محلاة ومزينة ليحتفل بتقطيعها بالسكاكين ويأكل منها ويؤكل من حوله!
ومثلما هو في العلاقات الإنسانية مع من نحب أو نقدر ونريد إيصال رسالة مشبعة بالمشاعر الجميلة تلك، فهو أيضاً غير مستوعب «مني على الأقل» مع الوطن وتجاهه.
ليس في ذلك ادعاء مثالية، لكن اذا كانت ظاهرة الاحتفالات الشخصية قد طغى عليها تقطيع الكيكات والتورتات، فهي لا تستقيم مع احتفال بالوطن، لاحظت هذه السنة اكثر من غيرها كثرة تسويق قوالب المعجنات المحلاة تحت «بشت» اليوم الوطني وبالأخضر والابيض، وما اريد قوله ان نظرتنا للوطن يجب ان تكون نظرة إلى شجرة لا إلى تورته تنتهي بانتهاء الاحتفال بها او تلاشي طبقة الحلا منها ومغادرة المدعوين، وذاك ما يجب ان يغرس في اذهان أطفالنا وشبابنا، شجرة تحتاج الى الكثير من العناية والحفظ والصيانة، ولا أشك لحظة بالمشاعر الوطنية للذين يكتبون أو ينحتون ابيات الشعر والاناشيد والاغاني والشيلات، أو حتى يلفون بالسيارات مع أعلام مرفوعة، تمجيداً للوطن وتغنياً بحاضره وطموحاً لمستقبل مشرق له، فهو مستقبلنا ومستقبل ابنائنا. وكل هذا له حاجة، فهو كالمغذيات الموسمية بعناصر مفيدة – إن وظفناها التوظيف الصحيح – مثلما تحتاج التربة الى عناصر مغذية، إلا انها مع ذلك ليست كافية وحدها، فالوطن بحاجة للعمل الإيجابي أكثر من حاجته للقول، العمل الذي يلمس المواطن فائدته ويحس بها له ولاخوانه واخواته المواطنين.
لنحتفل بشجرة الوطن، ونغرس أهمية العناية بها لتكبر وتخضر أكثر وتثمر، ولنحرص على الذود عنها وحمايتها، فهي مظلتنا مجتمعين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.