مواجهة ضعاف النفوس

الحزم والشمولية مع وضوح الرؤية وتحديد الاختصاصات وإجراءات التنفيذ هذا مما ميز الأمر الملكي بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.
في مقدمة الأمر الملكي شفافية ووضوح للأسباب الداعية لإصداره، إذ نص: «ونظراً لما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة».
يتضح من هذا الجزء من نص الأمر الملكي أن الفترة الماضية شهدت رصداً متأنياً تاريخياً وغير معلن لممارسات الاستغلال المختلفة، ويؤكد هذا ما صرح به النائب العام ونشرته اكثر من صحيفة عن وجود أدلة كبيرة ضد الموقوفين بعد يوم من الإعلان عن توقيفهم.
إن مما يميز أعمال هذه اللجنة العليا أنها غير محصورة بقضية فساد واحدة اهتم بها الرأي العام، فلم تأت كرد فعل لامتصاص الشارع كما حصل في قضية سيول جدة، بل بمجمل القضايا على اختلافها وتاريخ حدوثها ومن يتوقع مشاركته فيها، لتشمل مشاريع وبرامج رُصدت لها أموال ضخمة، ومن ضمنها ما سبق التحقيق فيه، وهو عمل ضخم تاريخي وكبير يمكن القول إنه أكبر عملية مواجهة لضعاف النفوس وتنظيف للبيت السعودي.
في خمس نقاط حدد الأمر الملكي مهام اللجنة العليا لمكافحة الفساد وهي نقاط بمثابة خريطة عمل دقيقة أعطت اللجنة كل الصلاحيات التي تتطلب تحقيق نجاحها في عملها.
أتمنى أن يكون من أعمال هذه اللجنة سد الثغرات ومعالجة الأسباب التي أدت بكل الأجهزة الرقابية على مختلف اختصاصاتها إلى عدم تحملها المسؤولية خلال تلك السنوات الطويلة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.