كل هذا مفيد إذاً

سايرت دول أوروبية حزب إيران اللبناني في الهرب من الأسباب الجوهرية لاستقالة الحريري، إلى تبني مواقف حول ظروف الاستقالة، في محاولة لخلط الأوراق، كما هي عادة إيران وحلفائها. الآن الحريري في فرنسا، وأعلن أنه سيتوجه إلى بيروت الأربعاء المقبل، للمشاركة في عيد استقلال بلد يرزح تحت احتلال إيراني بسلاح ميليشياوي، والاستحقاق هنا في حقيقة موقف «النأي بالنفس»، وهو ما يحتاج الى تعريف دقيق، ألّا يكون لبنان مصدراً لزعزعة الاستقرار في الدول العربية، فحتى على مستوى النفس الشخصية للرئيس اللبناني ووزير خارجيته برز انصهار النفس بالنفس الإيراني!
هذا الانكشاف السياسي مفيد إذا تم استيعابه من القائمين على السياسة الخارجية السعودية، التمدد الإيراني وهوس الهيمنة على المنطقة العربية مشروع قديم كشر عن أنيابه بشعار «تصدير الثورة»، وعلى مدى سنوات سايرته الدول الغربية، ودعمته الولايات المتحدة الأميركية «بالأفعال» في العراق وأفغانستان، ولنترك الأقوال الرنانة والتصريحات النارية التي كثرت أخيراً من سياسيين أميركيين، إنها لا تختلف كثيراً عن تصريحات أوباما تجاه بشار الأسد، أوكلت سورية إلى إيران وروسيا، والأخيرة جاء على لسان وزير خارجيتها أن موسكو لم تتعهد بإخراج ميليشيات إيران من سورية، ولا قيمة لاتفاقات تسرب واشنطن وثائق عنها، فالمهم هو الأمر الواقع على الأرض.
من المفيد ألّا تستدرج السعودية ودول الخليج سياسياً أو عسكرياً، والحذر من النافخين؛ فالأميركي ليس بالحليف الحقيقي، هو صانع ومستغل للأزمات ليستفيد منها، وإذا قارنا بين أميركا وروسيا في المشهد السوري، على سبيل المثال لا الحصر، نرى كيف تخلت أميركا عن تركيا، على رغم وشائج الحلف، وتخلت عن السوريين، الذين شجعتهم بتصريحات «ارحل»، وبجيش حر دربته حتى لا تقوم له قائمة!
هناك أخطاء على مدى سنوات طويلة، تستمد منها دروس وعبر لإعادة تقدير المواقف عربياً ودولياً، وبناء سياسة خارجية وطنية جديدة ،المهم التعلم من الأخطاء، مشروع تصدير الثورة الإيراني قديم، ومواجهته تستدعي بناء استراتيجية طويلة النفس بأدوات مناسبة.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.