هيا بنا ننأى!

السياسة في لبنان تجارة ظل، بكل ما فيها من صفقات وعمولات وسمسرة ومصالح ضيِّقة، والنأي بالنفس ليس إلا ورقة يتلاعب بها للحصول على مكاسب، لأن المعني بها أساساً هو حزب الشيطان المسلّح في لبنان، الذي لا يمكن له النأي بسلاحه وتدريبه للميليشيات الإرهابية، هذه وظيفته وسبب وجوده، ومن دونها لا قيمة له لا في داخل لبنان ولا إيران.
أما الأطراف السياسية الأخرى، فلا تأثير لها نَأتْ أم لم تنْأَ بنفسها، المحصلة منها في كل الأحوال تصريحات، أو حضور اجتماع «عربي» وتصويت من دون قيمة تذكر.
في تقديري وبعيداً عن العواطف، صحيح لبنان دولة عربية، بكل ما يعني ذلك من محاولة الحفاظ على استقراره وأمنه، لكن هذا العنوان يُقبل في الظروف الطبيعية، حينما يكون «دولة» كما تكون الدولة ذات سيادة واستقلال قرارها من بيروت وليس من طهران. وحينما يغلِّب المصالح العربية «الشقيقة» على الفارسية، وحينما تعمل هذه «الدولة» المفترضة على منع المساس بالأمن العربي من أطراف داخلها، وهذا لم يحدث ولا يتوقع حدوثه في المستقبل المنظور.
يطرح السؤال نفسه ما هو الموقف الواجب اتخاذه ضد هذا الواقع السياسي اللبناني من السعودية تحديداً؟ وهي الدولة العربية الوحيدة التي وضعت لبنان في أولوية سياساتها تاريخياً، ولتقليل الخسائر وإيقاف الارتزاق. إضافة إلى استخدام الورقة الاقتصادية ضد مصالح كل من له علاقة من أي نوع بحزب إيران في لبنان وتفرعاته في اليمن والعراق، أعتقد أن هناك دوراً مفقوداً لفرنسا، ليس لأنها على علاقة تاريخية مع لبنان فقط، بل لأنها أيضاً احتضنت وحمت أهم الأطراف الفاعلة، فرنسا احتضنت الخميني، وانطلق منها لتصدير ثورته في المنطقة وزرع قاعدته في لبنان، كما احتضنت ميشال عون سنوات، حتى أصبح رئيساً وطرفاً فاعلاً، بعد هروبه من سطوة النظام السوري.
آن الأوان لننأى بأنفسنا عن لبنان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.