العجز يولِّد المزايدات

أرى أنه من السهل استدراج الكثير منا إعلاميين أو غير إعلاميين، وفي قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو قرار أميركي صرف، نموذج شاهد وساخن على سهولة الاستدراج، تقوم بعض حـــسابات «عــربية» من كل نوع، بعضها يتبع لقنوات أو يعمل فيها، تقوم هذه الحسابات في وسائل التواصل بالنيل من السعودية، أو حشر اسمها في قضية مثل هذه، لينبري البعض بالرد عليها، وفي الأساس هذه الحسابات، سواء سطرت كلمات أو وضعت صوراً مستفزة، هي في واقع الأمر لا قيمة لها، ولا حضور ولا اعتبار، «ولا يهمك كثر المتابعين»، إلا عندما تُغذَّى من قبل بعض منا يهتم بالرد عليها، فلو أهملت وتركت لماتت، فهي تتغذَّى بالاهتمام والتفاعل.
يبرر بعض المتحمسين بأنهم يدافعون عن بلادهم أمام هجمة تشويه تدار في وسائل التواصل، ومع يقيني بصدق هذا، إلا أنهم في واقع الأمر قدَّموا لهذه الحسابات «الأشخاص والمواقع» القيمة، وساهموا من حيث لا يشعرون بتضخيمها، وتحولوا إلى رافعة لها ولما تفرز من صديد.
مواقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية والقدس ثابتة ومبدئية وقديمة قدم القضية، وعانت السعودية بسببها الكثير، أقله الجحود والنكران الذي نلمسه مع كل تشكُّل حدث حولها، واصطفاف بعض المنظمات الفلسطينية مع عدو أعلن عداءه لكل العرب بالقتل والتهجير، لا حاجة لتبيان مواقف المملكة، ولا تصح مقارنتها بغيرها، لأن في هذا تقليلاً من قيمتها.
يشبه هذا الواقع واقع آخر له علاقة مباشرة به، وهو أن قنوات محسوبة علينا صنعت وتصنع «إعلاميين وإعلاميات» من جنسيات عربية مختلفة لغرض «النجومية التجارية»، ثم انقلب بعضهم إما بالتصريح أو بالتلميح وبعض آخر منهم ينتظر، وهنا المُلام هو من صنعهم ورفع من قيمتهم في وسائل الإعلام، هنا نأتي لسوء الاختيار وسوء الإدارة، والتيه الذي تعاني منه بوصلتها الضيقة، إذا كانت لديها بوصلة غير التجارة. أما الإعلاميون «العرب»، الذين يستخدمون الآن منصة قطر بوسائلها الإعلامية المختلفة، فسيأتي يوم قريب ينقلبون على القطريين وعلى قطر نفسها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.