في إيران… ارتباك الغرور

من الجلي أن السلطات الإيرانية فوجئت بحجم التظاهرات وسرعة انتشارها وأيضاً نوعية شعاراتها المرفوعة، بما فيها استهداف رمز نظام الملالي المرشد الفقيه. الولي «المقدس» تم إحراق صوره وارتفعت الأصوات تطالب برحيله أو الموت له، على رغم محاولات بعض المسؤولين إلقاء مسؤولية الأزمة الاقتصادية الخانقة على حكومة روحاني إذ قال أحدهم «لو نفّذت توجيهات قائد الثورة في الاقتصاد المقاوم لما حدثت المشكلات الاقتصادية».
وتستفيد السلطات الإيرانية حالياً في مواجهة الاحتجاجات المستعرة من التصريحات المؤيدة للمتظاهرين التي يطلقها المسؤولون الأميركيون وفي مقدمهم الرئيس دونالد ترامب على أنها دليل على الأصابع الخارجية. ولا ننسى أن معظم سكان إيران فطموا على شعار «الموت لأمريكا» وأنها العدو الأكبر لهم.
لكن كيف يفاجأ نظام شمولي مستبد ومتمكن لعقود باحتجاجات بهذه القوة والجرأة الشعبية، مع تغلغل أدواته الاستخباراتية المتعددة في المجتمع الإيراني وسيطرته على الاقتصاد؟
أعتقد، والله أعلم، أن من الأسباب حالة الغرور والصلف التي وصل إليها النظام بعد نجاحاته في اختراق النسيج الاجتماعي العربي في العراق ولبنان واليمن، وتمكنه من استخدام غطاء القوة الروسية مدعومة بميليشيات المرتزقة الطائفية في فرض أمر واقع في سورية.
الوصول إلى هذه النتيجة أو «الانتصار» المزعوم كان له ثمن ضخم ومكلف في الداخل الإيراني، فمن أجل تحقيقه قدم نظام الملالي للشعوب الإيرانية الوعود تلو الوعود في حين وظف إمكانات البلاد لتصدير الثورة ومزيد من التسلح. الغرور يصيب بالعمى والنشوة، إذ كانت عيون نظام الولي الفقيه على التمدد للسيطرة على الدول العربية، متغافلاً عن أحوال شعوب إيران الذين لم يكن لهم وظيفة عنده سوى تحقيق طموحاته.
وصل النظام إلى لحظة الحقيقة ومهما كان مآل الاحتجاجات فإن النتيجة المؤكدة أن نظام الملالي في حالة حرجة لم يمر بمثلها منذ نزول الخميني في طهران قادماً من فرنسا.
للكاتب
Tags not available

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.