الصحافة الورقية مرة أخرى

اتصل بي صديق يعمل مديراً عاماً لإحدى المؤسسات الصحافية، ولا أذكر اسمه لأني لم استأذنه، الاتصال تعقيباً على مقالة أزمة الصحافة الورقية وما طرح حولها أخيراً، وقد أوضح لي نقطة مهمة غابت عني، وهي أن المؤسسات الصحافية على رغم أنها تجارية إلا أنه لا تنطبق عليها أنظمة التجارة، وتُرخص من قبل وزارة الإعلام، كما أنه ليس لديها سجل تجاري يسمح لها بمرونة الحركة، وليس من السهل تداول أسهمها أو بيع حصص في ملكيتها لآخرين إلا بشروط صعبة.
ولا شك أن مثل هذه القيود ساهمت في أزمة إدارة الصحافة الورقية، من ناحية استشراف المستقبل والتوقعات حول تغيّر السوق وتزايد المنافسة من وسائل أكثر حداثة وجذباً، وأعتقد أن وزارة الإعلام تستطيع بالتنسيق مع وزارة التجارة حلحلة هذه القيود، ربما تجد المؤسسات الصحافية متنفساً مع أن الوقت تأخر كثيراً، والغريب في الأمر أن رؤساء تحرير الصحف في المعلن على الأقل لم يسعوا إلى ذلك أيام ربيع الصحافة الورقية، لماذا أركز على رئيس التحرير؟ لأنه أقرب وصولاً وتفاعلاً مع أصحاب القرار.
في جانب آخر مهم في مسألة «دعم» الصحافة الورقية، ذكر لي الصديق أنهم لم يصرفوا رواتب موظفيهم منذ ثلاثة أشهر، وأعلم كما يعلم كل قريب من الصحافة المحلية أنها تعاني منذ ثلاث سنوات تقريباً، وأن الذي يدفع ثمن هذه المعاناة بالدرجة الأولى هم المحررون المتفرغون، ومعظمهم مواطنون ومواطنات، كما أن الإعلان الرقمي في مواقع الصحف من حيث القيمة والطلب غير مجزٍ، ولا يقارن بالإعلان الورقي، إضافة إلى احتكار توجيه الإعلان المعروف، في نقطة ثالثة أشار الصديق إلى مسألة مهمة، وهي ماذا سيحدث لخريجي أقسام الإعلام في جامعاتنا التي لا تزال تدرس الإعلام القديم أكثر من الجديد والسؤال أين سيذهبون؟
أحببت عرض وجهة نظر الصديق، ويهمنا جميعاً أن تبقى الصحافة المحلية قوية ومؤثرة ومتطورة، وموظِّفة أيضاً للشباب والشابات بوسائل أحدث، والحاجة إلى المحرر الصحافي والكاتب مستمرة، فهي حاجة الإعلام الذي تتزايد قوته وأثره وأهميته، لكن التغيير حصل في الوسيلة وأساليب طرح المحتوى.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.