عندما كتبت مقال “نعال الحرامي” قبل فترة، الذي ناقشت فيه قضايا السرقات وجدوى البلاغات عنها، لم يطرأ ببالي أنني سأزور إدارة الأدلة الجنائية في شرطة الرياض، إلا أن مدير شرطة الرياض اللواء عبدالله الشهراني تفضل في رد على المقال بدعوة كريمة للزيارة، غرض ذلك المقال كان مناقشة نداءات الشرطة للمواطنين والمقيمين بضرورة الإبلاغ عن القضايا وجدوى ذلك، وقيمته بالنسبة إلى المجني عليه.
وأشكر القارئ الكريم أحمد الخضيري، إذ كتب تعليقاً على رد شرطة الرياض، نشرته “الحياة” في طبعاتها السعودية يوم الأربعاء، أوضح فيه معاناته مع سيارته المسروقة منذ عامين، مرفقاً صورة من البلاغ. فكان فيه وضع للإصبع على الجرح.
هذه المقدمة ضرورية لربط القارئ بالتفاصيل. وعلى مدى ساعات أنصت إلى شرح ميداني من مدير إدارة الأدلة الجنائية في شرطة الرياض العقيد ظافر الشهري خلال جولة في أقسام الإدارة ومختبراتها، والعقيد ظافر ضابط محترف ومتواضع، حريص على السرية، وهي مسألة مزعجة للكاتب والصحافي، إلا أن الواجب يحتم تفهمها، والتقيت خلال الزيارة بعدد من الضباط وصف الضباط يتقدمهم المقدم إبراهيم العوس، والجميل أنهم متخصصون في علوم مختلفة دقيقة، وتتوافر لديهم أجهزة متقدمة هم من يعمل عليها، وهذا هو الأهم، وأسعدني ما ذكره العقيد ظافر من متابعة الإدارة لتدريبهم على ما يستجد في العلوم الجنائية، وأيضاً إشارته إلى أن لدى شُرط محافظات الرياض أقساماً خاصة بالأدلة الجنائية، ما أسهم في تيسير كبير، أقله عدم الاضطرار لنقل الجناة إلى العاصمة.
ومن واقع المشاهدة كانت هناك أمور كثيرة يمكن الكتابة عنها، إلا أنه وبعد كل “جغمة” أي رشفة من العصير الذي ضيفنا به، كان العقيد ظافر يلمح تارة ويصرح أخرى بأهمية السرية، لذلك فإن في فمي عصير! وهو لا يُلام لأن الإدارة التي يشرف عليها مع بقية إدارات الشرط في مواجهة مستمرة مع المجرمين، وهي مواجهة تتطور أساليبها كل لحظة.
أما بالنسبة إلى هموم المواطن والمقيم وتطلعاتهما تجاه الجهات الأمنية، فنقلتها بشفافية وصراحة، مع علم بأن إدارة الأدلة الجنائية إدارة فنية متخصصة، إلا أن وجود الرائد سامي الشويرخ الذي رتب مشكوراً لهذه الزيارة وفر مساحة أرحب لطرح تلك الهموم، وما زلت أطالب بنشر الإحصاءات الأمنية لما توفره من فائدة وتوعية، وأنقل أيضاً ملاحظة الإخوة في الأدلة الجنائية للمجني عليهم بعدم تحريك ساكن في ساحة الجريمة أو العبث به، وأشكرهم على رحابة صدورهم وتفهمهم لدور الصحافة.
وأسجل مرة أخرى أنه في تجربتي الصحافية لم أجد إلا التفهم والتعاون من الجهات الأمنية، خصوصاً شرطة ومرور الرياض، ولا أستغرب ذلك لعلمي بكيفية إدارة الأمور في إمارة منطقة الرياض، وهي تجربة إدارية فذة طالبت غير مرة باستنساخها والاستفادة منها، خصوصاً من جهات أخرى تنزعج من وضع الأصابع على الخلل، وتدعي أنه تجريح شخصي، وهو أبعد ما يكون عن ذلك.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط