وقاحة إسرائيل

“أوقح من إسرائيل”. هذا مثل جديد يستحق موقعاً في قائمة الأمثال العربية. التجربة العربية مع الحكومات الصهيونية وأفرادها شاهدة. الوقاحة بلغت ذروتها في مطالبة إسرائيل بإقالة محمد البرادعي من منصبه في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. المطالبة سببها ترويج إعلامي إسرائيلي بأن البرادعي يعطي إيران فرصاً وينحاز لها في قضية الملف النووي.
لا تستحي إسرائيل وهي الدولة التي ترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهو رفض مدعوم أميركياً وأوروبياً، لا تستحي من أن تطالب بإقالة البرادعي من منصبه، وهي تمتلك أكبر ترسانة نووية في المنطقة! مطلوب من البرادعي إسرائيلياً وأميركياً توفير الذريعة الرسمية لضرب إيران أو حشرها في زاوية أكثر ضيقاً. غني عن القول أن إيران أساءت كثيراً لموقفها أمام هذه الضغوط بسبب سياساتها الطائفية القصيرة النظر في العراق، التي غرست شكوكاً وحذراً من جيرانها، إضافة إلى اعتماد المسؤولين الكبار في هرمها السياسي لغة التصعيد الإعلامي مع الغرب وإسرائيل. لم تستفد ايران من تجربة مرت بها دول عربية على فترات متباعدة، قدمت الذرائع لتحطيم قدراتها، إما بالمعاهدات المُخْضِعَة، أو بالغزو والاحتلال.
إسرائيل المالكة ترسانة نووية، وغير الموقعة على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، تستخدم وكالة الطاقة الذرية لتحقيق أهدافها، مرات بصوت أميركا وبعض الدول الأوروبية، ومرات بصوتها هي. أصبح اللعب على المكشوف يخيف العرب من أسلحة نووية إيرانية محتملة، ويسد أعينهم ويربط ألسنتهم عن ترسانة نووية قائمة، رؤوسها الخطرة مزروعة في قلوبهم.
حتى هذه اللحظة لم يستطع العرب حمل وتصعيد الاهتمام بالعمل على تنظيف منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك إسرائيل، حتى أوروبا التي يعوّل عليها بعض العرب خيّبت الآمال، ما دعا وزارة الخارجية المصرية لأن تصدر بياناً قبل شهرين، ينتقد التحرك الأوروبي المناوئ لتطبيق ضمانات الوكالة الدولية. التزمت الدول الأوروبية التي تبحث عن “السلام” بعدم التصويت، باستثناء أيرلندا، فيما رفضت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. الامتناع الأوروبي عن التصويت يمثل قمة النفاق السياسي بشحمه ولحمه. هم يقولون شيئاً ويستمرّون في دعم استثناء إسرائيل.
الحملة الشرسة من الدولة اليهودية على البرادعي تقدم فرصة جديدة للدول العربية لتصعيد المطالبة بإخضاع إسرائيل للمعاهدات الدولية ومراقبة مفاعلاتها، بل التقدم لوضعها على جدول مؤتمر الخريف.. ولم لا؟ الجميع يعلم انه مؤتمر إعلامي لتجميل السياسة الأميركية، فلعل ذلك يسلط الإعلام أكثر لفضح الدويلة المتغطرسة والداعمين لها، هؤلاء الذين يكذبون يومياً بالحديث عن أخطار أسلحة الدمار الشامل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.