قصة مؤثرة بطلها الشيخ حيزان، أتحفنا بها الزميل سعود المطيري في صحيفة «الرياض»، الشيخ حيزان الفهيدي من محافظة الاسياح في السعودية، له قصة تستحق أن تروى ثم تروى ثم تتم روايتها مرة ثالثة. وهي قصة قصيرة في أحداثها، عميقة في معانيها، أما «المشيخة» هنا للشيخ حيزان، رفع الله قدره، فهي ليست مالية، فحاله المادية «على الحديدة»، هي من الشيخوخة.
ولأنه لا يبقى إلا الذكر الطيب، انظر إلى جمال وروعة ما يذكر به حيزان. كان حيزان يعيش وحيداً مع والدته ويقوم على رعايتها، وعندما كبر في السن جاء شقيقه الوحيد الذي يسكن في مدينة أخرى في السعودية مطالباً… بماذا؟ بالحق في رعاية والدتهما المسنة، نشأ من هذا خلاف وصل إلى المحاكم، وليس من السهل على الكثيرين الذهاب إلى المحاكم إلا اضطراراً. كل واحد من ابني المرأة المسنة يطلب الحق برعايتها، حيزان قال وقتها ما معناه: «ما قاصر عليها شي»، وشقيقه له رؤية في المسألة، لم تكن الأم تمتلك مالاً أو عقاراً يسيل له اللعاب حتى يتخاصما عليه بلغة هذا الزمان. من رواية سعود كانت تمتلك خاتماً نحاسياً. واحتار قاضي محكمة الاسياح، فطلب حضور الأم محور القضية لتختار بين ابنيها، فجيء بها محمولة داخل «كرتون» يتناوب الشقيقان على حملها، وكان لجوابها زيادة في حيرة القاضي، قالت إنهما مثل عينيها لا تفرق بينهما، لم يستطع قلب الأم الاختيار، ثم حكم القاضي لمصلحة شقيق حيزان، فذرف الأخير الدموع وسلّم بالأمر وودّع والدته – رحمها الله تعالى.
ولم يذكر الزميل سعود تاريخ هذه القصة، ولو جاءت في مسلسل لما صدقها كثير من الناس، لكنه أوردها لسبب، إذ يريد التذكير بشخصية حيزان ومن هو وبِمَ يذكر. حيزان جاء مضطراً إلى الصحافة ليخبر عمّا فعل الفقر به مع الجمعية الخيرية.
إذ إن له مساعدة مالية من الضمان الاجتماعي لا تكفيه، وطلب مالاً كان يحصل عليه من الجمعية الخيرية في الاسياح فرفض طلبه، لأن دخله السنوي يبلغ 1166 ريالاً… أقول سنوياً، ولو كان حيزان محظوظاً لكان هذا الرقم للوحة سيارة جديدة، ربما تحسّنت أحواله.
طلب حيزان سحب ملفه من الجمعية فأعطاه الموظف ملفاً فارغاً. إذا كان هذا دقيقاً، فهو من الاستهتار بالبشر. والاستهتار بالمحتاج اشد مرارة.
والجمعيات الخيرية لها شروطها، وهي مناسبة لتكرار طلب فتح ملفاتها ومدى قدرتها على الوفاء بواجباتها مع ضغوط شديدة متزايدة على الفقراء. أما حيزان، رفع الله قدره، فلم افلح في الوصول إلى الزميل الكاتب لمعرفة التطورات، لذلك اكتفي بقول: والله ما أنصفناك يا حيزان.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
حياك الله.أبو أحمد
هايل ومبدع اليوم المقال بل بالعكس ده فيه أنصاف غاية فى الأهمية
جعلكم الله عونآ للمحتاجين والفقراء .. الله يعطيك العافية
ولك خالص.تمنياتى بالتوفيق والنجاح الدائم يارب /صلاح السعدى