«على الحديدة»

إذا كنت ممن يوصفون بأنهم «على الحديدة»، إشارة إلى أحوالهم المالية المتردية، فأنت تجلس على ثروة، انتبه حتى لا يأتي احد ويسحبها من تحتك. ومع هذا الهوس في سرقة الحديد يُحمد المولى – عز وجل – انه خلقنا من طين لا من حديد، لك أن تتوقع ما كان سيحدث.
كانت ظاهرة سرقة الحديد والنحاس باقتلاعهما من الشوارع والمباني وخطفهما من المستودعات بينة المعالم لا تحتاج إلى محقق جنائي من وزن «كولومبو»، ومنذ بداياتها المتواضعة، في مشهد عامل على سيارة «وانيت» يلتقط المهمل من قطع الحديد المتناثر بالشوارع، منذ ذلك الوقت المبكر، حاولت الاشارة والتنبيه وأيضاً الإرشاد إلى مكامن الخلل، وركزت على المشترين، لكن من دون فائدة. الذين يشترون ويصهرون أو يصدرون الخردة بقوا خارج نطاق البث الأمني… في ما يعلن، وتم الاكتفاء بأخبار عن القبض على عمالة، لذلك استفحل الأمر حتى وصل لسرقة أعمدة كهرباء، فانقطع التيار عن محافظة كاملة، وأبراج تقوية بث الهاتف الجوال فأصبح إمكان الاتصال معدوماً.
ومع استمرار تراجع «القدرة الشرائية» واتساع أفواه المشترين وبطونهم وطلب متنام، استمرت السرقات وزادت، فأصبحت سرقة كابلات النحاس من بيوت تحت الإنشاء أو شبه مهجورة، ومعها أغطية الصرف، وعيون القطط بالملايين، موضة قديمة ووصل الأمر إلى قضبان السكة الحديد! لماذا لم نبدأ مبكراً في معرفة المشترين وحصرهم ومراقبتهم والضرب على أيديهم الطويلة يا ترى؟ هذا سؤال لا املك الإجابة عليه، وكنت سأستنجد بالمحقق الشهير كولومبو إلا انه قد طعن في السن، وشوهد على شاشات التلفزيون وهو في حال صعبة.
وصلنا إلى سرقة هياكل أبراج خطوط الكهرباء والهاتف، وكل معدن في الشوارع، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، ففي حادثة نشرتها «الحياة»، في «المويه» قرب الطائف تعطلت ماكينة سيارة احد المواطنين فنزع الماكينة وذهب لإصلاحها، بقيت السيارة من دون ماكينة فجاءت مجموعة من لصوص الحديد بمناشير كهربائية وقطعوها، سيارة من دون ماكينة ليست لأحد! وإذا لم يقبض على المشترين ويحاسبوا وتقدر الخسائر التي تكبدتها جهات حكومية ومواطنون ويُحمّلون إياها ربما نصل إلى يوم تسرق فيه المفاتيح من الجيوب لصهرها أو تصديرها خردة.
والحديد الذي كان رمز القوة جمع معها المال لأسباب «تصهيرية»! ويقال في أمثالنا الشعبية ان فلان سخنت حديدته إشارة إلى أن الأمر وصل به إلى منتهاه، لأن الحديد لا يسخن إلا بتعرضه لدرجة حرارة مرتفعة، وقد وصلت ظاهرة سرقة الحديد لدرجة الاحمرار، فإذا كنت «على الحديدة» فقد أعذر من انذر!

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «على الحديدة»

  1. احمد حماده كتب:

    مرحبا

    امممممممممم

    مقالة جيدة وتسليط ضوء على بقعة سوداء في نسيج مجتمعنا “الطاهر”!! ,,,,

    سؤال تبادر إلى ذهني ( ويا كثر الاسئلة ) بغض النظر عن سرقة الحديد واخواته و حوادث الاختطاف والاغتصاب للاحداث والنشل والسرقات والمرور والبلوتوث وفضايحه والارهاب و الخ الخ ,,

    بغض النظر عن كل ذلك ,,, لماذا كل شيء لدينا متضخم وحجمه غير منطقي ولا معقول؟

    هل هي منافستنا دائما لحصد اعلى , اكبر , اضخم , اكثر , وربما اسوء ؟؟

    ام ان هناك تغير في الاخلاق والمباديء ؟

    ام ان الامر عادي ولكن الاضواء شديدة على كل خطأ ؟ والا علام يساهم في ذلك ,,,,

    حقيقة لا اعلم ,,,

    بل انني صرت ادعي الله ان لا يتحول زميلي في العمل الى عدو الغد او اي شيء متوقع او غير متوقع ,,, الزمن هذا ” اغبر ” بعيد عنك ,,,,

    هل اصبحنا بدون اخلاق سواء مواطنين او مقيمين ,,؟؟

    ما نراه من سلوكيات يدفعني بقوه لأقول بصوت عال ” هذي قلت أدب ” !! ويا كثر ما قلتها في شوارعنا و طوابير الصراف والمخبز ,,,

    الاستهبال والا ستغفال زادت نسبته بين الناس هاليومين بكل وقاحة ,,,

    لن اتوقف عن السرد لكثرة ما احمله من ضغط وكبت في داخلي من كل شيء حولي بشر وشجر وحجر ,,,

    ( من امن العقوبة ,,,” شو بيعمل ؟؟ امممم ,,,انت كمل )

    وشطرا ,,,,

  2. مواطن كتب:

    ههههههههه
    شر البلية مايضحك أبراج تنسرق واظن انها في الحفر
    اليوم انا كنت بالمحكمة وليتني مارحت كنت رايح اشهد مع احد الاقارب واحنا في صاله الانتظار كل شوي مار علينا شباب صغار ما وصلوا العشرين مسلسلة اقدامهم والكلبشات بأيديهم اكيد سارقين واكثر من واحد كل شوي مار دفعه ؟؟من اللي وصلهم الى هالمرحلة والسرقة.
    الحاجة + البطالة + الفراغ + عدم وجود مقاعد للدراسة بالكليات والجامعات
    في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروف بشدته بالحق وتطبيق الشرع والحدود أوقف حد السرقة لما صار جفاف وجوع
    حنا وش سوينا سوا الامساك بهم وحبسهم وتضييع مشتقبلهم بدل ما نخليهم نافعين لانفسهم واهلهم ووطنهم … قبل نعالج النتايج خل نعالج الاسباب اللى وصلتهم لها الوضع ونحمي غيرهم

  3. خالد كتب:

    الان: هل الحديدة آخر شيء؟
    أم هناك شيء تحت الحديدة ، دعك من الخزن الاستراتيجي الآن!

  4. عبدالله الصالح كتب:

    (لقد أسمعت لو ناديت حياً… ولكن لا حياة لمن تنادي).

    والله يا عبدالعزيز ياولد السويد انني من المتشائمين الي ابعد حد في اصلاح الانظمة لدينا ، فعلى جميع الاصعدة هناك فوضى وفساد وعدم مسئولية ، فإذا كان مجلس الشورى ليس لديه اي صلاحية فمن اين تنشد الاصلاح ( الشورى اشغلوه بالموافقة على الاتفاقيات الرياضية وزيارات مجالس البرلامانات ) ومن الامثلة لهذا الفساد شركات الاتصالات اشترت من الدولة رخص تشغيل الجوال وهذا من الحق العام فما بال شركات الطيران لم تشتري رخص التشغيل الجوي .

    الله يرحم خالتي مزنه ،،،

التعليقات مغلقة.