خبر عجيب يدعو للتأمل والتفكير، إذ نقل عن مصدر أمني في الحكومة العراقية أن الشرطة العراقية قبضت على شخص ســـعودي عمره «20سنة « وهو يحاول التسلل من الحدود العـــراقية إلى إيـــران بجواز سفر عراقي مزور، واعترف لهم بعمله مع المخابرات الإيرانية جاسوساً لها في العـــراق. الغرابة ليست في وقوع سعودي أو غير سعودي في فخ العمل لمخابرات معادية تنطق حكومتها وتعمل ضد مصالح بلاده، هذا وارد، كما شاهدنا عند استخدام بعض السذج في الإرهاب، أيضاً مثله عايشنا في الصراع العربي – الإسرائيلي كثيراً من هذه الوقائع. في فلسطين المحتلة مثلاً تستغل السلطات الصهيونية أوضاع بعض الشباب الفلسطيني وتبتزهم وهم في وضع ساحق بألف طريقة وطريقة للعمل معها ضد إخوانهم.
غرابة ذلك الخبر تأتي في أكثر من وجه، الأول توقيته، التوقيت يأتي مع إصرار إيراني على إعلان العداء لدول الخليج بعد التصريحات النارية ضد أنظمة دول الخليج العربية من مساعد وزير الخارجية الإيرانية، التي لم يعتذر عنها حتى الآن، بل لم تستحق توضيحاً من الحكومة الإيرانية على رغم الاستنكار الرسمي من مجلس التعاون. بعد هذا وعلى الأرض افتتحت إيران مكاتب إدارية لها على الجزر الإماراتية المحتلة في الخليج العربي، تأكيداً على المضي في الضمّ وإقرار أمر واقع، ولم تلتفت لاحتجاجات دولة الإمارات ولا لأمانة مجلس التعاون. الخيار الخليجي المعلن لحلّ قضية الجزر الإماراتية هو الخيار السلمي، لكنه حتى الآن لم يجد أدنى درجات قبول ولو ديبلوماسي من إيران، بقيت الجزر الإماراتية المحتلة من تراث الشاه الذي يحرص على التمسك به الملالي في طهران.
وفي التوقيت أيضاً «مصادفة»، تتقاطع مع عزم بعض الدول العربية ووفود منها النظر في إعادة افتتاح سفاراتها في بغداد، وهي التي أصبحت محكومة مناصفة بين الأميركان والإيرانيين وكل له أصابعه.
الوجه الثاني الغريب في الخبر أن إيران ليست بحاجة إلى جواسيس مراهقين في العراق، فهي بالفعل تحكم على الأرض وتؤثر ولديها ميليشيات مسلحة وواجهات سياسية، ولعلنا مع هرولة عربية للتطبيع من الحكومة العراقية نتذكر الهجمة الشـــرسة التي تعرضت لها سفارات عربية وديبلوماسيون عرب في العراق، خليجيون وأردنيون ومصريون، على يد من يا ترى؟ ولعلنا لا ننسى الجريمة الشنعاء التي اغتيل فيها السفير المصري في بغداد رحمه الله، ولم يكشف النقاب حتى الآن عن منفذيها.
إنما من الناحية العملية إيران ليست بحاجة إلى جاسوس مراهق في العراق، اللهم إلا للتشويش ومزيد من الإساءة للصورة التي ساعدتها في تشويهها منظمة القاعدة والمغرر بهم منها، وإن صدق الخبر، على علات معلوماتية احتواها، فهو نموذج للقصة الشهيرة في التراث الاستخباراتي التي قبض فيها على حمار، ثم أوسع ضرباً لأيام حتى يعترف بأنه غزال.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط